بريكس بلسمختارات أوراسية

السياسة الخارجية الصينية في العام الماضي.. المفاهيم والممارسات


  • 26 ديسمبر 2023

شارك الموضوع

تبين أن السياسة الخارجية لجمهورية الصين الشعبية في عام 2023 كانت مميزة، وذات أهمية خاصة جدًّا ومثيرة للاهتمام، سواء من حيث محتواها النظري والمفاهيمي، أو من حيث المحتوى العملي. في المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي الصيني، الذي انعقد في الخريف الماضي، وصف القادة الصينيون عام 2023 بأنه: “حاسم للتطور التاريخي، والعالم أجمع”، وستحدده مواجهة بين اتجاهين: “أحدهما يهدف إلى المواجهة والصراع، والآخر نحو السلام والتنمية”.

بدأ عام 2023 بتغييرات في وزارة الخارجية الصينية، والنظر في قضايا السياسة الخارجية خلال “دورتين” متتاليتين: (المجلس الوطني لنواب الشعب الصيني، والمؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني) في مارس (آذار). وبحلول منتصف عام 2023، عاد “وانغ يي” إلى منصبه، مع احتفاظه بأعلى منصب دبلوماسي، وهو رئيس مكتب لجنة الشؤون الخارجية للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني. وفي الوقت نفسه، دخل قانون جمهورية الصين الشعبية بشأن العلاقات الدولية، الذي اعتُمِدَ في اليوم السابق، حيز التنفيذ.

حدد القانون المهام والصلاحيات لكل من رئيس جمهورية الصين الشعبية، والمجلس الوطني لنواب الشعب، ومجلس الدولة لجمهورية الصين الشعبية، والمجلس العسكري المركزي، والهيئات الحكومية الأخرى؛ فيما يتعلق بتطوير السياسة الخارجية وتنفيذها. ومن السمات المهمة للقانون الجديد أيضًا، تقنين مجموعة من الأفكار والمفاهيم التي طرحها الرئيس الصيني شي جين بينغ في مجال السياسة الخارجية، والأمن الدولي. على سبيل المثال، تدعو المادة الـ(18) من القانون إلى تنفيذ مبادرة التنمية العالمية، ومبادرة الأمن العالمي، ومبادرة الحضارة العالمية (تم الانتهاء من الأخيرتين أيضًا في العام الماضي).

أما المحتوى العملي للسياسة الخارجية الصينية، فقد تبين أن تقييم الوضع العالمي الذي قدمه مؤتمر الحزب كان صحيحًا. وقد تجلى ذلك- في المقام الأول- في الحوار الصيني الأمريكي الصعب. لقد دعا الجانب الصيني الجانب الأمريكي- باستمرار- إلى تعلم كيفية إدارة الخلافات المتبادلة (والمهمة جدًّا)، وعلى هذا الأساس استئناف الحوار الإستراتيجي القائم سابقًا. وانتهى العام باجتماع بين زعيمي الصين والولايات المتحدة في سان فرانسيسكو، ولكن ظلت هناك قائمة من المشكلات دون حل- من “الحرب التجارية” المستمرة إلى محاولات الولايات المتحدة تقييد التنمية في الصين من خلال قيود العقوبات، وبالطبع مسألة الالتزام بـ”الخطوط الحمراء” الصينية، وأهمها الالتزام بـ”سياسة الصين الواحدة”، وقضية تايوان.

واتبعت بكين الخط نفسه في العلاقات مع دول الاتحاد الأوروبي، حيث دعت بروكسل إلى “الاستقلال الإستراتيجي” في العلاقات مع الولايات المتحدة، واتباع مسار مستقل لمواصلة التعاون مع الصين.

في أعقاب الأولوية التقليدية للدبلوماسية الصينية بشأن “العلاقات مع القوى الكبرى”، اتبعت بكين مسارًا ثابتًا في عام 2023، لتعزيز الشراكة الإستراتيجية مع موسكو، معتمدة- إلى حد كبير- على “دبلوماسية القيادة”. خلال العام، زار رئيس جمهورية الصين الشعبية موسكو في مارس (آذار)، وزار فلاديمير بوتين الصين للمشاركة في منتدى الحزام والطريق في أكتوبر (تشرين الأول)، ثم انتهاءً بالزيارة الأخيرة لرئيس الحكومة الروسية ميخائيل ميشوستين؛ لإجراء مفاوضات مع شريكه الصيني لي تشيانغ، والرئيس شي جين بينغ.

في عام 2023، ظهرت الصين وروسيا- ظهورًا منسقًا- على المنصات الدولية، وأسهمتا- معًا- في تعزيز مواقف دول “الجنوب العالمي” في الاقتصاد والسياسة العالمية، وتعزيز التعاون داخل منظمة شنغهاي للتعاون، وبريكس، حيث اعتبرتهما ركائز داعمة لعالم متعدد الأقطاب في المستقبل. لقد أطلقت الصين- بنجاح- مبادراتها لحفظ السلام في مناطق مختلفة من العالم، بما في ذلك- على سبيل المثال- خطة السلام في أوكرانيا.

لقد أظهر العام الماضي أن الدبلوماسية الصينية، بوصفها متعددة الاتجاهات، سعت- باستمرار- إلى تطوير العلاقات مع كل الشركاء على مبادئ المنفعة المتبادلة، جاهدةً لتحقيق هدفها الرئيس الثابت تشريعًا ومفهومًا، القائم على “بناء مصير مشترك للبشرية”. ومن الآمن الافتراض أنه على الرغم من الصعوبات الكبيرة، ستواصل بكين السعي لتحقيق هذا الهدف، وستتلقى الدعم من موسكو.

المصدر: مجلة الشؤون الدولية الروسية

ما ورد في المقال يعبر عن رأي الكاتب، ولا يعبر بالضرورة عن رأي هيئة التحرير.


شارك الموضوع