تكنولوجيا الدفاع وصفقات التسليحوحدة الدراسات الصينية

“الستار الحديدي التكنولوجي”.. إستراتيجية الولايات المتحدة لاحتكار الذكاء الاصطناعي


  • 30 مارس 2025

شارك الموضوع

منذ أن أعلنت شركة “ديب سيك” (DeepSeek) تقنيتها الجديدة التي تشكل طفرةً عالميةً في مجال الذكاء الاصطناعي، خضعت رواية “التهديد الصيني” الأمريكية لعدة تحديثات، بدءًا من الكشف عن حظر وزارة التجارة الأمريكية استخدام “ديب سيك” على الأجهزة الحكومية، وصولًا إلى حث وزير التجارة “هوارد لوتنيك” على تشديد الرقابة على نماذج الذكاء الاصطناعي المفتوحة المصدر، وخاصةً تلك الآتية من الصين؛ وبذلك تُوسّع الولايات المتحدة نطاق أساليبها القمعية لتشمل الذكاء الاصطناعي، وأصبحت النسخة الجديدة من أسطورة “التهديد الصيني” تتمثل في رواية “تهديد الذكاء الاصطناعي الصيني”.

أضافت الولايات المتحدة، يوم 27 مارس (آذار)، نحو (80) شركة إلى قائمة مراقبة الصادرات، منها أكثر من (50) شركة مقرها الصين، وزعمت أن هذه الشركات تسعى إلى الحصول على خبرة متقدمة في الحوسبة الفائقة، والذكاء الاصطناعي، وتكنولوجيا الكم لأغراض عسكرية. بالإضافة إلى ذلك، أصدر مجتمع الاستخبارات الأمريكي تقريره السنوي لتقييم التهديدات، يوم 26 مارس (آذار)، مدعيًا أن الصين “تخطط على الأرجح لاستخدام نماذج لغوية ضخمة لإنتاج أخبار كاذبة، وتسعى إلى إزاحة الولايات المتحدة عن عرش الذكاء الاصطناعي بحلول عام 2030”.

تشير هذه السلسلة من الإجراءات إلى أن الحكومة الأمريكية تُكثّف بناء رواية “تهديد الذكاء الاصطناعي الصيني”، وهذا ليس مصادفة. في السنوات الأخيرة، قوبل كل تقدم تكنولوجي في الصين بخطاب “التهديد الصيني” الأمريكي، وهو ما يكشف عن منطق واشنطن البسيط “لا يجب على الصين أن تقود”، فما إن تُظهر الصين علامات تفوقها على الولايات المتحدة في أي مجال، حتى يُصنف هذا التفوق -على الفور- بأنه يمثل “تهديدًا”، ثم تُلجأ إلى أساليب قمعية مُختلفة.

حسب تعليق “لو شيانغ”، الباحث في الأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية: “بدلًا من وصف الأمر بأنه تضخيم (للتهديد الصيني)، سيكون من الأدق القول إن الولايات المتحدة في حالة ذعر من تطور الذكاء الاصطناعي الصيني”. وأضاف “لو شيانغ”: “لقد دخل تطور الذكاء الاصطناعي الصيني الآن مرحلةً غير مسبوقة؛ فقد تجاوزت سرعة التقدم في هذا المجال وعمقه بكثير ما تخيله الناس قبل سنوات كثيرة”. قد يكون هوس الولايات المتحدة بـ”القيادة” في نهاية المطاف بلا معنى.

بالنظر إلى الماضي، منعت الولايات المتحدة شركات السيارات الكهربائية والبطاريات الصينية من دخول السوق الأمريكية، لكن الشركات الأمريكية واجهت صعوبات في التكنولوجيا وسلسلة التوريد؛ مما أدى إلى بطء نمو هذه الصناعة. والآن، تطبق الولايات المتحدة الإستراتيجية نفسها في مجال الذكاء الاصطناعي، من منع الشركات الأمريكية من توريد الرقائق للشركات الصينية إلى إجبار حلفائها على الانضمام إلى الحصار، وتهدف كل خطوة تتخذها الولايات المتحدة إلى إقصاء الصين عن النظام التكنولوجي العالمي. ومع ذلك، فقد أثبت التاريخ أن الحصار التكنولوجي الأمريكي لم يفشل فحسب؛ بل أدى -مرارًا وتكرارًا- إلى نتائج عكسية؛ إذ فشل في كبح جماح تنمية الصين، وأدى أيضًا إلى زعزعة استقرار سلاسل التوريد العالمية.

إلى جانب مواكبة خطابها المناهض للصين “للتحديث”، فإن الحصار التكنولوجي الأمريكي ينتهي به الأمر في النهاية إلى “إطلاق النار على قدميه”. وأضاف “لو”: “سيجبر هذا الحصار الشركات الصينية على تسريع البحث والتطوير المستقل؛ مما يدفع الصين إلى شق طريقها الخاص”. إن رواية “تهديد الذكاء الاصطناعي الصيني” ليست سوى انعكاس لقلق الولايات المتحدة، وفقدانها السيطرة على مجال الذكاء الاصطناعي.

يُعد التعاون العالمي أمرًا أساسيًّا لتقدم الذكاء الاصطناعي. ومع ذلك، تُصر الولايات المتحدة على جر الذكاء الاصطناعي إلى المنافسة الجيوسياسية، وتدعو إلى العزلة والمواجهة التكنولوجية، بل تحاول خلق “ستار حديدي تكنولوجي” على نحو مصطنع. إن التهديد الحقيقي لا يتمثل في الصعود التكنولوجي للصين؛ بل في التدخل الخبيث للولايات المتحدة في التطور التكنولوجي العالمي لأغراض جيوسياسية.

المصدر: افتتاحية صحيفة غلوبال تايمز (Global Times) الصينية


شارك الموضوع