يقول المسؤولون الروس إن العمل على تحديث العقيدة النووية للبلاد (أساسيات سياسة الدولة للاتحاد الروسي في مجال الردع النووي) قد وصل إلى مرحلة متقدمة. أحد أولئك الذين طالبوا -بنشاط- بتغييرات في هذه الوثيقة كان العالم السياسي الشهير، والرئيس الفخري لهيئة رئاسة مجلس السياسة الخارجية والدفاع في روسيا، وعميد كلية الاقتصاد العالمي والشؤون الدولية في المدرسة العليا للاقتصاد في موسكو، سيرغي كاراغانوف. وفي مقابلة مع مراسلة صحيفة كوميرسانت، يلينا تشيرنينكو، أوضح رؤيته لما ينبغي أن تكون عليه العقيدة الجديدة.
لقد كنت تدعو -منذ فترة طويلة- إلى تغيير العقيدة النووية الروسية، وقدمت مقترحاتك بهذا الخصوص. برأيك، ما الذي سيكون عليه المذهب الجديد؟
بطبيعة الحال، لا أعرف الصيغة التي ستتضمنها النسخة النهائية للوثيقة، لكن يمكنني تقديم بعض اقتراحاتي الخاصة. ومع ذلك، أود أولًا أن أقول إن العقيدة والسياسة الحالية في مجال استخدام الأسلحة النووية غير مسؤولة، وغير واقعية. يبدو لي أن العقيدة النووية الحالية حبيسة حقبة الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي، وهو ما أدى إلى تعطيل أقوى أداة في ترسانتنا من الأسلحة العسكرية والسياسة الخارجية، وهذا ليس خطأً فحسب؛ بل إنه أيضًا غير أخلاقي. لقد مات الملايين من الناس بسبب عدم التلويح الجاد بهذه الأداة، أي الدرع النووية، وأكرر أنني لا أفهم تمامًا كيف حدث هذا.
لكن ما يمكن قوله فيما يخص العقيدة الجديدة، من الضروري إدخال مفهوم “التصعيد النووي”، بحيث تسبق هذه الخطوات خطوات من شأنها إقناع العدو المشروط أو الحقيقي بأننا مستعدون لاستخدام الأسلحة النووية. ويجب أن يكون الهدف الرئيس لهذا المبدأ هو التأكد من أن جميع الخصوم الحاليين والمستقبليين واثقون أن روسيا مستعدة لاستخدام الأسلحة النووية. وهذا ليس واجبنا فقط تجاه بلدنا ومواطنينا الذين يموتون الآن على الجبهات، وحتى الآن في المدن المسالمة؛ بل واجبنا تجاه العالم. وإذا لم نُعد تنشيط الردع النووي، فسوف ينزلق العالم إلى سلسلة من الحروب التي ستصبح حتمًا ذات طبيعة نووية، وتنتهي بالحرب العالمية الثالثة، ونحن على بضع عدة سنوات من هذا السيناريو؛ لذا، من واجب روسيا تفعيل العامل النووي تفعيلًا حادًّا وجادًّا في السياسة العالمية، وإقناع خصومنا بأننا مستعدون لاستخدام الأسلحة النووية في حالة حدوث أي تعدٍّ على أراضينا ومواطنينا. وأنا سعيد بمساهمتي -ولو قليلًا- في صنع هذه التغييرات.
أنت تقول إن العقيدة النووية الحالية مبنية على مسلمات القرن الماضي، لكن المرسوم الرئاسي الحالي “بشأن أساسيات سياسة الدولة في مجال الردع النووي“ عمره أربع سنوات فقط، وتم التوقيع عليه في عام 2020.
أعتقد أن هذه الوثيقة عفا عليها الزمن؛ لأنها مبنية على مبادئ القرن الماضي وأوهامه، وهي في كثير من الأحيان ليست مبادئنا. ألوم نفسي لأنني لم أعبر عن غضبي علنًا عندما صدرت هذه الوثيقة، لكنني عبرت عن رأيي فقط في دائرة ضيقة من الخبراء، وأعتقد أن جذور هذه المشكلة تكمن في الأوهام الموروثة من حقائق القرن الماضي، وكذلك في الرفض الطبيعي للأسلحة النووية. هذه ملكية إنسانية عادية، مع أنني لا أرغب في أن يستخدمه أحد.
في هذا الصدد، المشكلة هي أن دعاة السلام يعيشون فقط لأن الآخرين يقاتلون من أجلهم. والآن يقاتل عشرات الآلاف من الرجال من أجلهم في الحقول، وإذا استمرت الأمور على هذا النحو، فسوف يموتون في مدننا، لأن الحرب سوف تتفاقم، وسنستمر في استنزاف أنفسنا مع إنفاق موارد ضخمة، والتنافس مع خمسين دولة ذات اقتصادات تفوق اقتصادنا عدة مرات. وكلا الأمرين سيؤدي بالبلاد التي وصلت أخيرًا إلى مستوى معين من الرخاء والراحة، إلى الانحدار، وربما حتى الانهيار.
تنص العقيدة العسكرية الحالية لعام 2010 على سيناريوهين يمكن فيهما للسلطات الروسية استخدام الأسلحة النووية، وتنص وثيقة “أساسيات سياسة الدولة في مجال الردع النووي” لعام 2020 على أربعة سيناريوهات. ما الذي سيعطيه إدخال سيناريوهات إضافية في الوثائق العَقَدية في الممارسة العملية؟
إلزام جيشنا بالاستعداد لهذه السيناريوهات، لا اختزالها فقط في “التهديد الوجودي لروسيا” كما هو مدون في (السيناريو الرابع، الذي يمكن فيه للسلطات الروسية، وفقًا للوثيقة، استخدام الأسلحة النووية)، وهو سيناريو عديم الفائدة، ويمثل استهزاء بالحس السليم من وجهة نظري.
إن عقيدتنا الحالية تفشل في العمل كرادع، وتتعارض مع كثير من الوظائف المفيدة الأخرى للأسلحة النووية. لقد وصلنا إلى النقطة التي يعتقد فيها خصومنا أننا لن نستخدم الأسلحة النووية تحت أي ظرف من الظروف تقريبًا. وعندما بدأنا قبل عام ونصف العام الحديث عن ضرورة تشديد عقيدتنا النووية، وأستطيع أن أقول إنني أسهمت بنشاط في هذه المناقشة، صمتوا. وفجأة، بدأت تظهر منشورات في المطبوعات الأمريكية -الواحدة تلو الأخرى- عن ضرورة تجنب التصعيد النووي بأي وسيلة.
وفي الوقت نفسه، فإنهم يروجون -باستمرار- لفكرة مفادها أننا في روسيا لا نحظى بدعم الأغلبية العالمية. هذا سؤال منفصل، لماذا لا نعمل مع الأغلبية العالمية كما ينبغي؟ ولكن في الصين، وفي البلدان الأخرى التي تنتمي إلى هذه الأغلبية، يفهم الكثيرون تمامًا منطق أعمالنا، ومن ذلك تحركنا الأخير نحو تغيير العقيدة النووية. كما أن تأكيدات كثير من الخبراء الغربيين الحكوميين وشبه الحكوميين أن أغلبية دول العالم سوف تبتعد عنا إذا أصبحت أساليبنا في المجال النووي أكثر صرامة هي مجرد مزحة، وهذا عنصر من عناصر الحرب النفسية وحرب المعلومات، التي -لسوء الحظ- يشنها في بلادنا أشخاص أغبياء، أو أسوأ بكثير من الغباء، وأولئك الذين يتمنون في قلوبهم هزيمة روسيا.
لكن الصينيين أنفسهم يعبرون بوضوح تام عن موقفهم من هذه القضية. ومؤخرًا، ذكرت وزارة الخارجية الصينية، في تعليقها على تصريحات مسؤولين روس بشأن التغيير المرتقب في العقيدة النووية الروسية، أنه من وجهة نظر بكين “لا ينبغي استخدام الأسلحة النووية، ولا ينبغي شن حرب نووية“. وفي يوليو (تموز)، دعت الصين روسيا والقوى النووية الأخرى -مرة أخرى- إلى نبذ الاستخدام الأول للأسلحة النووية. وفي مايو (أيار)، وقع زعيما روسيا والصين، فلاديمير بوتين وشي جين بينغ، على بيان مشترك، ينص -من بين أمور أخرى- على أن الحرب النووية غير مقبولة؛ لأنه لا يمكن أن يكون هناك فائزون فيها.
هذا هو الموقف الصيني الرسمي، وأتفهمه إلى حدٍّ ما. وليس من المفيد لهم أن يتجهوا نحو تعزيز الردع النووي؛ لأنهم أنفسهم ما زالوا ضعفاء في هذا المجال. أما البيان الذي وقعه قادة الدول “الخمس” النووية، والذي تكررت صياغته منذ ذلك الحين في وثائق أخرى، مثل عبارة “في الحرب النووية لا يمكن أن يكون هناك منتصر”، فيبدو لي أن هذا خطأ فكري فادح. بعد كل شيء، ما الذي سيتبع ذلك؟ أن أي حرب أخرى يمكن أن تكون مدمرة بكل أنواع الأسلحة الأخرى التقليدية. عندما ظهرت هذه الصيغ منذ ما يقرب من نصف قرن (في بيان غورباتشوف- ريغان لعام 1985)، كان يعتقد أنه لا يمكن أن تكون هناك حروب بين القوى النووية. والآن يشن حلف شمال الأطلسي النووي، بقيادة الولايات المتحدة، حربًا واسعة النطاق ضدنا من خلال استخدام الأوكرانيين وقودا في هذه الحرب. وقريبًا، إذا لم نوقف هذا الجنون، فسيبدؤون بإدخال الآخرين في هذه الحرب.
ولكن بعد ذلك فُرضت علينا هذه المقاربات والصيغ التي فتحت الطريق أمام اعتداءات غير نووية في جميع أنحاء العالم. وفي التسعينيات، بعد وقت قصير من توقيع قادة الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة الأمريكية على هذا المبدأ لأول مرة، فُتح أيضًا الطريق أمام توسع الناتو، حيث تخلت روسيا فعليًّا، وعلى نحو كامل، عن العامل النووي أداةً للسياسة الخارجية. لقد كانت جريمة.
لكن في بيان قادة الدول “الخمس” النووية في 3 يناير (كانون الثاني) 2022، تم التأكيد بشكل خاص على أنه لا توجد مواجهة عسكرية بين القوى النووية مقبولة.
هذا صحيح. لقد توصلوا -إلى حدًّ ما- إلى صيغة عدم جواز الحرب النووية، وهذه خطوة في الاتجاه الصحيح. لكن تغيير عقيدتنا يهدف إلى تحرير أيدي تلك البلدان التي تعمل ترسانتها التقليدية من الأسلحة، والتي تعمل قوتها الاقتصادية، على تعزيز فرصها في الفوز في المواجهة بين الدول. وفي النهاية، تدرك الولايات المتحدة أنها دائمًا ستكون مستعدة لاستخدام الأسلحة النووية أولًا.
وعد الرئيس الأمريكي الحالي جو بايدن خلال حملته الانتخابية بمراجعة هذه الممارسة في اتجاه التخلي عن الاستخدام الأول للأسلحة النووية، أو على الأقل تأمين مبدأ “الغرض الواحد“، أي الدفاعي لها.
هل ما زال أحد يصدق أيًّا من المرشحين للرئاسة الأمريكية؟
لا، أنا فقط أقول إنه وعد بذلك.
هناك عدة فئات من الناس لا تتقبل فكرة استخدام الأسلحة النووية، وأنا أتفق جزئيًّا مع حجج بعضهم. إنني أدرك أن قرار استخدام الأسلحة النووية، الذي سيؤدي حتمًا إلى موت الأبرياء، هو خطوة رهيبة، لكن امتلاك الأسلحة النووية، وعدم القدرة على إقناع عدوك باستعداده لاستخدامها، هو انتحار.
قال الرئيس فلاديمير بوتين، في حديثه معكم في الجلسة الأخيرة للمنتدى الاقتصادي الدولي في سانت بطرسبورغ (SPIEF)، إنه –لا سمح الله– لو بدأت حرب نووية، يمكن أن يصبح عدد الضحايا في زيادة مستمرة إلى أجل غير مسمى.
بصراحة، أنا لديّ أفكار أخرى عن هذا الموضوع. هذه إحدى الأساطير التي خلقناها في القرن الماضي، وأنا شخصيًّا شاركت فيها، من أجل منع الحرب النووية. إن تأكيد أن أي استخدام محدود للأسلحة النووية سيؤدي بالضرورة إلى هرمجدون النووية، لا يصمد أمام الحجج الأخرى، وأؤكد لكم أن جميع القوى النووية لديها خطط للاستخدام المدروس للأسلحة النووية في ظل سيناريوهات معينة. وفي الوقت نفسه، أنا على استعداد للقول -بالقدر نفسه من الثقة- إن الولايات المتحدة كذبت دائمًا -وما زالت تكذب- بشأن حقيقة ضماناتها النووية لحلفائها.
هل تقصد أن الولايات المتحدة لن ترد على ضربة نووية روسية إذا وُجِّهَت إلى إحدى الدول الأوروبية الأعضاء في حلف شمال الأطلسي؟
خلال الحرب الباردة، اعترفت الولايات المتحدة بأنه يمكننا الاندفاع إلى الغرب في شكل أعمدة من الدبابات عبر ألمانيا، والاختباء خلف الأسلحة النووية، وكان سيناريو الرد الوحيد الذي توصلوا إليه في هذه الحالة هو توجيه ضربة نووية إلى أراضي ألمانيا نفسها، لا للاتحاد السوفيتي. ومنذ ذلك الحين، لم يتغير شيء في هذا الصدد للولايات المتحدة، لكن أبصارنا ما زالت محجوبة عن رؤية الواقع في ظل سحابة من المفاهيم الخاطئة.
قبل بضعة أيام، قال مدير وكالة المخابرات المركزية، وليام بيرنز، إنه مع أنه كانت لديه معلومات في خريف عام 2022 بأن روسيا يمكن أن تستخدم الأسلحة النووية في أوكرانيا، فإنه كان آنذاك (والآن) مقتنعًا بأن هذا العامل لا ينبغي أن يؤثر في الدعم الغربي لكييف. وقال: “إن روسيا تتصرف كبلطجي، لكن يجب ألا نسمح لأنفسنا بأن تخيفنا بلطجتها“. ماذا سيتغير إذا شُدِّدَت العقيدة النووية الروسية؟
من الضروري ليس فقط تشديد العقيدة النووية؛ بل من المهم أن تعلن القيادة الروسية -بوضوح- أننا مستعدون لاستخدام الأسلحة النووية.
ضد من تحديدًا؟
ضد كل تلك الدول التي تدعم عدوان الناتو في أوكرانيا.
لكن هذه جميع الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي.
لا، ليس الكل. لماذا للجميع؟ ومعاذ الله بالطبع أن يصل الأمر إلى هذا الحد. من الخطأ القول إن كل دول الناتو ضدنا، أو تدعم أوكرانيا؛ بل هو عدد محدود من الدول، وينبغي ردعها من الآن لتجنب اشتراك كل دول الناتو ضدنا.
وبقدر ما أعرف، فقد هُدِّدَ المسؤولون الروس بأنه إذا ضربنا دول الناتو، فستُوجَّه ضربة مدمرة وحشية لنا ولقواتنا المسلحة في أوكرانيا وما حولها. وأنا لا أبالغ في أهميتي في التاريخ، ولكني رددت على ذلك بالقول إنه عندئذ سيكون لنا الحق في توجيه ضربة نووية ثانية إلى عدد أكبر كثيرًا من الأهداف في أوروبا. وإذا استمر التصعيد، فسيكون لنا الحق في ضرب القواعد الأمريكية في دول الناتو، وفي جميع أنحاء العالم، مع ما سيترتب على ذلك من قتل مئات الآلاف من العسكريين.
أليس هذا طريقًا مباشرًا إلى حرب نووية شاملة؟
لن يحدث ذلك إذا علموا أننا سنكون مستعدين لاستخدام الأسلحة النووية في نهاية المطاف، ولو كان ذلك محفوفًا بعدد كبير من الضحايا، خاصة في صفوف الجيش.
لكن هذا الاحتمال يبدو غير متوقع وخطير!
أنا لا أدعو إلى اتباع طريق خطير؛ بل أدعو إلى خلاص العالم وروسيا. فإما أن ننتصر في هذه الحرب، وإما أن ننهار. يمكن للغرب أن يقاتل إلى ما لا نهاية، وهذه الحرب مفيدة جدًّا له. وأنا لا أدعو على الإطلاق إلى بدء حرب نووية، وأود حقًا ألا أترك الأمور تصل إلى هذا الحد، ولكن أن أتوقف قبل أن نضطر إلى اتخاذ خيار رهيب.
قال فلاديمير بوتين -مرارًا وتكرارًا- إن إمكانات روسيا التقليدية كافية لتحقيق الأهداف التي حددتها موسكو لنفسها. لكن من خلال تشديد العقيدة النووية والتهديد بتوجيه ضربة نووية ضد أي عمل عدواني من العدو، ولكن باتباع هذا المبدأ على نحو انتقائي، سيجعل الجانب الروسي “خطوطه الحمراء” أكثر ضبابية؟ على سبيل المثال، لو تكررت الغارة الجوية بطائرة بدون طيار أوكرانية على الكرملين، ماذا علينا أن نفعل إذا حدث هذا مرة أخرى؟
يجب أن يعلم خصومنا أن رئيسنا سيتخذ هذا القرار (أي شن ضربة نووية)، أو سيُنقَل الحق في هذا الاستخدام إلى شخص آخر، والاستعداد لذلك هو واجبه تجاه الوطن والعالم والله. إذا فهم العدو هذا الاستعداد، فمن شبه المؤكد أنه لن يكون هناك أي ضربات بطائرات بدون طيار على الكرملين، أو سيتراجعون عندما يدركون أنه من المستحيل هدمنا دون إلحاق أضرار جسيمة بأنفسهم.
كما أنني ما زلت لا أفهم لماذا كل من يتحدث عن الردع النووي، يُحشَر في زاوية كهذه، ووعد بالرد بالأسلحة النووية على أي ضربة غير نووية تقريبًا. ويبدو لي أن مثال الضربة نفسها بطائرة بدون طيار على الكرملين، التي ردت عليها السلطات الروسية بضبط النفس إلى حدٍّ ما، يدل على هذا الصدد.
إذا حلقت طائرة بدون طيار داخل الكرملين مرة أخرى، فلماذا لا نشن هجومًا صاروخيًّا منتظمًا على الرايخستاغ أولًا؟ وفي كل الأحوال، فإن الضربات النووية يجب أن تسبقها ضربات وقائية غير نووية.
هل تعتقدون أن الضربة الانتقامية من هذا الجانب لن تكون نووية؟
لا ينبغي -بالطبع- أن تكون الضربات الأولى نووية. ووفقًا لنظرية التصعيد، فإننا نحتاج إلى المرور بنحو عشر إلى خمس عشرة خطوة أخرى قبل الضربات النووية، ولم نقم إلا بخمس خطوات فقط حتى الآن. ولكن بعد ذلك سيكون من الضروري -بوضوح- ضرب أهداف على أراضي دول الناتو، التي تؤدي دورًا مهمًّا في إمداد نظام كييف. إذا لم يوقفهم هذا، فعلينا أن نستمر “إنهم يشنون علينا هجومًا واسع النطاق بالأسلحة التقليدية، ونحن نرد بضربة جماعية غير نووية أكثر ضخامة، وفي مرحلة ما نقترب جدًّا من تلك الخطوات العليا، وهكذا”، ثم “يتعين علينا الرد فورًا بضربة نووية جماعية على أهداف في أوروبا”.
أين الضمانات التي تمكن الأطراف من التوقف عند نقطة ما، وعدم تفجير الكوكب؟
كما تعلمون، الضمانات متوافرة فقط في شركة التأمين الروسية (Rosgosstrakh). ما يمكنني أن أضمنه لكم هو أننا إذا لم نفعل ذلك، وإذا لم نُعِد تنشيط الردع النووي، فلن نتمكن من تجنب التدمير الذاتي للبشرية، ولا انهيارنا.
المصدر: صحيفة كوميرسانت الروسية.
ما ورد في المقابلة يعبر عن رأي الكاتب، ولا يعبر بالضرورة عن رأي هيئة التحرير.