تقدير موقف

حرب كبرى قادمة أم تهديدات متبادلة؟

التصعيد الجديد.. روسيا والغرب بعد الانتخابات الرئاسية الروسية


  • 15 مارس 2024

شارك الموضوع

في تصريحات مثيرة للقلق، حذَّر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الغرب من احتمال وقوع حرب نووية في حال نشر قوات أمريكية في أوكرانيا. أشار بوتين إلى أن واشنطن تدرك تمامًا هذا الأمر؛ مما يزيد حدة التوترات بين البلدين. وفي السياق نفسه، أكدت إدارة الأمن الروسية وقوع هجمات على مصافي النفط في عدة مناطق في البلاد، مما يعزز التوترات الإقليمية والدولية.

تصاعد العنف في أوكرانيا مع قصف الجيش الروسي مبنى سكنيًّا في سومي باستخدام طائرات بدون طيار، مما أسفر عن سقوط عدد من الضحايا، وتضرر كثير من الوحدات السكنية. وفي سياق مماثل، أسفرت غارة جوية على مبنى سكني في منطقة دونيتسك عن مقتل شخصين؛ مما يعكس مدى العنف والدمار في المنطقة.

وتتواصل الهجمات على المصافي النفطية الروسية، حيث أكدت إدارة الأمن الروسية وقوع هجوم ضخم على ثلاث مصافي نفط في مناطق مختلفة، مما يزيد الضغط على الاقتصاد الروسي، ويثير مزيدًا من التوترات.

وفي تصريحات أخرى، أكد بوتين استعداد روسيا التقني للحرب النووية، مشيرًا إلى أنه في حالة تهديد وجود الدولة الروسية، فإن موسكو مستعدة لاستخدام الأسلحة النووية.

ومن جانبه، يتوقع الرئيس الأمريكي جو بايدن تصاعد الصراع في حال نشر قوات أمريكية في أوكرانيا؛ مما يعكس التوترات السياسية والعسكرية بين الولايات المتحدة وروسيا.

احتمال تصعيد وحرب كبيرة بين روسيا والغرب بعد الانتخابات الرئاسية في روسيا

تنبعث منطلقات القلق والتوتر على نحو متزايد بعد الانتخابات الرئاسية في روسيا، حيث يتصاعد الصراع في أوكرانيا، وتزداد المخاوف من احتمال نشوب حرب كبيرة بين روسيا والغرب، ويُظهر التصعيد الحالي في المنطقة مؤشرات على أن الصراع في أوكرانيا قد يتجاوز حدوده الجغرافية، ويتسع نطاقه جغرافيًّا نتيجة لتصرفات غير مدروسة قد تُنفذها دولة أو دولتان من أعضاء حلف شمال الأطلسي (الناتو).

يعيش العالم اليوم فترة من التوترات العالية بين روسيا والغرب، وتُعدُّ الأعمال العدائية الحالية في أوكرانيا أحدث اختبار للعلاقات الدولية منذ أزمة الصواريخ الكوبية عام 1962. وقد زادت تصريحات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حدة التوترات، حيث أعلن بوتين أن روسيا مستعدة تقنيًّا للحرب النووية، وحذر من أن إرسال قوات أمريكية إلى أوكرانيا سيُعد تصعيدًا كبيرًا للصراع.

أشارت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، إلى أن الوضع في أوكرانيا أصبح خطيرًا، وتزداد المخاطر مع التصرفات الاستفزازية غير المدروسة التي قد تنفذها دول أعضاء في الاتحاد الأوروبي، أو حلف شمال الأطلسي. وأكدت زاخاروفا أهمية تفادي مخاطر مزيد من التصعيد، ودعت الغرب إلى التفكير بعمق في مصالح الدول الأخرى، بدلًا من الاستمرار في الصراعات والتوترات.

تتسم الأوضاع في أوكرانيا بالتعقيد والحساسية، حيث تُعَدُّ المنطقة مسرحًا لصراعات جيوسياسية تهدد استقرار المنطقة بكاملها. ويتزايد التوتر بين روسيا والغرب؛ مما يتطلب البحث عن حلول دبلوماسية لتفادي تصعيد الأزمة، والحفاظ على الاستقرار الإقليمي والدولي.

التفوق الروسي في إنتاج الأسلحة

قدم وزير روسي بارز تصريحًا يفيد بأن روسيا تتفوق على الغرب في إنتاج الأسلحة، وتعتزم المضي قدمًا في تعزيز معدلات النمو بعد التصعيد الحالي في إنتاج الأسلحة من جانب الغرب وروسيا في ظل الصراع الدائر في أوكرانيا

في فبراير (شباط) 2022، بدأت روسيا ما يسمى “العملية العسكرية الخاصة” في أوكرانيا؛ مما أدى إلى نشوب صراع كبير في أوروبا، وهو الأكبر منذ الحرب العالمية الثانية، وأشد صراع بين روسيا والغرب منذ فترة الحرب الباردة.

على إثر ذلك، زادت أوكرانيا إنتاج الأسلحة بدعم من دول الغرب، في محاولة للتصدي للقوات الروسية في الصراع الذي يشتعل على أراضيها، وزادت روسيا أيضًا إنتاجها، معتبرة أن الغرب هو المسؤول الرئيس عن الصراع الحالي، الذي ترى فيه موسكو تصعيدًا للأوضاع تعود جذوره إلى عام 2014.

أكد دنيس مانتوروف، نائب رئيس الوزراء الروسي، المسؤول عن قطاع الأسلحة، أن روسيا بدأت بتحقيق تقدم واضح في هذا المجال، ورفعت وتيرة إنتاجها مبكرًا مقارنة بالدول الغربية. وأضاف أنه تُعتزَم الموافقة في العام المقبل على خطة تسليح للفترة من عام 2025 إلى عام 2034.

وفي هذا السياق، أكد الرئيس فلاديمير بوتين، ووزير الدفاع سيرغي شويغو، زيادة إنتاج المدفعية، والطائرات المسيَّرة، والدبابات، والمركبات المدرعة.

على الرغم من تصريحات بعض الزعماء الغربيين السابقين عن اندلاع حرب باردة جديدة بين روسيا والصين من جهة، والولايات المتحدة وحلفائها من جهة أخرى، فإن اقتصاد روسيا، الذي يبلغ حجمه تريليوني دولار، سيواجه صعوبات في مواجهة قوة الغرب بمفرده مدة طويلة.

أوكرانيا سوف تخسر مزيدًا من الأراضي

وفقًا لما نقلته وكالة تاس، أفاد مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، ويليام بيرنز، بأن الجيش الأوكراني قد يفقد مناطق كثيرة خلال هذا العام إذا لم تستأنف الولايات المتحدة إمدادات الأسلحة والمعدات العسكرية إلى كييف. تم تأكيد هذا الأمر بناءً على تصريحات بيرنز بعد عودته مؤخرًا من زيارة لأوكرانيا، حيث لم يفصح عن تفاصيل الزيارة، لكنه أشار إلى نفاد الذخيرة لدى الجيش الأوكراني، وأن الوقت ينفد لواشنطن لتقديم المساعدة لكييف.

بيرنز أوضح أن إمدادات الأسلحة والمعدات العسكرية الأمريكية الجديدة قد تمنح القوات الأوكرانية فرصة لتنفيذ اختراقات وهجمات على شبه جزيرة القرم، بالإضافة إلى تعزيز قدرة كييف على التفاوض من موقع قوة كبيرة.

سبق للرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي أن أعلن تحديات تواجه القوات المسلحة الأوكرانية بسبب نقص الذخيرة، مؤكدًا في الوقت نفسه عدم حاجة كييف إلى وجود قوات أجنبية على أراضي البلاد.

سابقًا، ضُمِّنَ طلب في مشروع الميزانية الفيدرالية الأمريكية لعام 2025 يدعو الكونغرس إلى تخصيص 61.4 مليار دولار لدعم كييف، حسبما أفادت التقارير.

وفيما يتعلق بالأسباب التي قد تؤدي إلى خسارة أوكرانيا مزيدًا من الأراضي لصالح روسيا، فيمكن عزو هذا الأمر إلى عدة عوامل، منها:

نقص الدعم العسكري: إذا لم تتمكن أوكرانيا من الحصول على الدعم العسكري اللازم، سواء من الولايات المتحدة، أو من دول أخرى، فقد تفقد القدرة على الدفاع عن بعض المناطق المهمة، مما يفتح الباب أمام تقدم القوات الروسية، والسيطرة على أراضٍ جديدة.

ضعف القوات العسكرية: إذا ظلت القوات الأوكرانية تواجه نقصًا في الذخيرة والتجهيزات العسكرية، فقد تفقد القدرة على صد التقدم الروسي؛ ومن ثم تفقد مزيدًا من الأراضي.

التدخل الروسي المباشر: إذا قررت روسيا التدخل بشكل مباشر، وبقوة أكبر في الصراع، فقد تتعرض أوكرانيا لضغوط عسكرية أكبر؛ مما يزيد من فرص فقدان مزيد من الأراضي، ولا ننسى أن روسيا لديها احتياط كبير من الجنود، وإنتاج عسكري لا يقارن بالطرف الأوكراني.

أما المفاوضات وقبول الشروط الروسية كحل، فيمكن أن تكون هذه الخطوة الأمثل للجانب الأوكراني لعدة أسباب:

تجنب مزيد من الخسائر البشرية والمادية: قد يؤدي التوصل إلى اتفاق مع روسيا إلى تجنب مزيد من الصراعات والمواجهات العسكرية التي قد تؤدي إلى مزيد من الخسائر بين السكان والبنية التحتية.

الحفاظ على الاستقرار الإقليمي: من خلال المفاوضات، يمكن تحقيق تسوية سلمية تحافظ على الاستقرار في المنطقة، وتمنع تصاعد الصراعات والأزمات الإنسانية.

تحقيق أهداف سياسية معقولة: قد تسمح المفاوضات بتحقيق بعض الأهداف السياسية المهمة لأوكرانيا، مثل الحفاظ على سيادتها وسلامة أراضيها، وإيجاد حلول دبلوماسية للصراعات الحدودية.

الاستنتاجات

التوترات الحالية بين روسيا والغرب ليست مجرد تهديدات متبادلة، بل تمثل خطرًا حقيقيًّا على الاستقرار الإقليمي والعالمي.

يُظهر التصعيد الجديد الذي تشهده المنطقة بعد الانتخابات الرئاسية الروسية استعداد الطرفين للتصعيد إلى مستويات غير مسبوقة من الصراع.

تأتي هذه التوترات بسبب تصاعد الاحتكاكات بين روسيا والغرب، خاصة فيما يتعلق بالتدخل الروسي في أوكرانيا، وسياسات العقوبات الغربية على روسيا.

يجب على المجتمع الدولي العمل بجدية لتهدئة التوترات، والبحث عن حلول دبلوماسية للصراع، ومن ذلك التشجيع على المفاوضات المباشرة بين الأطراف المعنية.

من الضروري أيضًا أن يكون هناك التزام قوي بمبادئ الدبلوماسية، وحل النزاعات سلميًّا، وعدم اللجوء إلى التصعيد العسكري الذي يمكن أن يؤدي إلى نتائج كارثية.

تشير الأحداث الحالية إلى ضرورة تعزيز الحوار والتعاون بين الدول، والعمل على بناء ثقافة السلام والتفاهم المتبادل لتفادي سيناريوهات الصراع الدامي.

ما ورد في المقال يعبر عن رأي الكاتب، ولا يعبر بالضرورة عن رأي هيئة التحرير.


شارك الموضوع