مقالات المركز

الانتخابات الألمانية.. قضايا حرجة ومسارات ضيقة


  • 21 فبراير 2025

شارك الموضوع

تُعقَد الانتخابات التشريعية الألمانية المبكرة في 23 فبراير (شباط) الجاري، وكان من المفترض أن تعقد في 28 سبتمبر (أيلول) 2025، لكن انهيار “ائتلاف إشارة مرور” المكون من أحزاب “الاشتراكي  الديمقراطي”، و”الديمقراطي الحر” (الليبرالي)، و”الخضر”، عجل بها، على أثر إقالة  المستشار أولف شولتز وزير ماليته “كريستين ليندنر” المنتمي إلى “الديمقراطي  الحر” في 6 نوفمبر (تشرين الثاني)؛ نتيجة اختلاف الرؤي بشأن الإصلاحات المالية، خاصة قضية “كبح الديون”؛ ومن ثم خرج وزير المالية وحزبه من الائتلاف، ودُعِيَ إلى التصويت على سحب الثقة من الحكومة الألمانية في 16 ديسمبر (كانون الأول)، ومن ثم دُعِيَ إلى الانتخابات المبكرة التي وافق عليها الرئيس الألماني عقب خسارة شولتز الثقة.

توقيت حرج وبيئة مضطربة

تعقد الانتخابات الألمانية التشريعية المبكرة في ظل أجواء مضطربة محليًّا ودوليًّا، فالاقتصاد الأول أوروبيًّا ينكمش للعام الثاني على التوالي، والحليف الفرنسي يمر منذ عام -وأكثر- بعدم استقرار سياسي، وتولي ترمب سدة الحكم في الولايات المتحدة وما يتبعه من احتمالات حروب تجارية ومطالبات برفع الانفاق العسكري بنسبة تصل إلى 5% من الناتج المحلى الإجمالي، إلى ما ذلك من عوامل تؤثر في البيئة الانتخابية، يمكن تناولها كما يلي:

  1. حصار الشعبوية: يتنافس على مقاعد البوندستاغ الألماني أحزاب “الاتحاد المسيحي” (الديمقراطي-والاجتماعي في بافاريا فقط)، و”الاشتراكي” (يسار الوسط)، و”الديمقراطي الحر” (الليبرالي)، و”الخضر” (يسار مهتم بالبيئة). في مقابل هذه الأحزاب توجد ثلاثة أحزاب أخري يمكن اعتبارها شعبوية (بشقيها اليميني واليساري المتطرف) وهى حزب “اليسار” (دي لينكه)، وتحالف “سارة فاغنكنيشت” (منشق عن دي لينكه اليساري)، وحزب “البديل من أجل ألمانيا” اليميني المتطرف. تمنح استطلاعات الرأي الأحزاب الشعبوية قرابة 30 % من مقاعد البوندستاغ المحتملة، في ظل وجود حزب “البديل من أجل ألمانيا” في المرتبة الثانية بنسبة تتخطى 20% في بعض الاستطلاعات، مع توقع تخطي حزبي اليسار (دي لينكه + تحالف سارة فاغنكنيشت) عتبة البرلمان بـ 5% لكل منهما. تعد هذه الانتخابات الأولى منذ انهيار سور برلين والشيوعية عام 1990، التي تحظى فيها ثلاثة أحزاب شعبوية متعاطفة مع روسيا وضد الاتحاد الأوروبي بهذا التقدم في استطلاعات الرأي، واحتمال حصدها ثلث مقاعد البوندستاغ، وهو ما يعد عائقًا ثقيلًا أمام الحكومة القادمة، التي يفترض أنها تشكل من الأحزاب الوسطية الموالية لأوروبا.
  2. حالة الاقتصاد: أعلن المكتب الإحصائي الاتحادي في ألمانيا، في 15 يناير (كانون الثاني) 2025[1]، عدة مؤشرات اقتصادية، عبرت في مجملها عن انكماش الاقتصاد الألماني للعام الثاني على التوالي، منها انخفاض الناتج المحلى الإجمالي لعام 2024 بنسبة 2%، كما ارتفع العجز المالي بنسبة 2.6%، بما يقدر بنحو 5.5 مليار يورو، ليصبح العجز نحو 113.041 مليار يورو، فيما انخفضت الصادرات للسلع والخدمات بنسبة 8%، مع انخفاض في قطاعي البناء والتصنيع بنسب 3.8% و3% على الترتيب. فضلًا عن ذلك، ارتفع معدل البطالة من 5.7 % في عام 2023 ليصبح 6% في عام 2024، مع توقع زيادته إلى 6.4% خلال العام الحالي[2].
  3. عودة ترامب: يحمل برنامج الرئيس ترمب الانتخابي عدة تحديات من شأنها أن تؤثر سلبًا في دول الاتحاد الأوروبي، وعلى رأسهم ألمانيا، التي عانت خلال فترته الرئاسية الأولى تهديدات وتواترت، ما بين مطالبات برفع الإنفاق العسكري لبرلين إلى 2% من الناتج القومي الإجمالي، وحاليًا يرغب في زيادتها إلى 5%، وتحفظ على عجز الميزان التجاري للولايات المتحدة لصالح الصادرات الألمانية، فضلًا عن تهديده بسحب القوات الأمريكية الموجودة في ألمانيا. إضافة إلى ما سبق، سعى ترمب إلى فرض رسوم جمركية على الصادرات الأوروبية للولايات المتحدة، في سياق الحروب التجارية التي يدشنها ترمب تجاه اقتصادات دول كبرى، من بينها حلفاؤه. وبحسب تقديرات أجراها معهد الاقتصاد الألماني، فإن الحروب التجارية بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي قد تكلف اقتصاد ألمانيا نحو 180 مليار يورو خلال السنوات الأربع المقبلة[3].
  4. استقرار مفقود: تعانى فرنسا أزمة سياسية مشابهة لحليفتها ألمانيا؛ فعقب انتخابات البرلمان الأوروبي، وتراجع حزب ماكرون، تم حل البرلمان الفرنسي، وعُقدت انتخابات تشريعية أسفرت عن برلمان بدون أغلبية لأي حزب، وخلال ستة أشهر سُحِبت الثقة من الحكومة الفرنسية، ولم يستطع ماكرون عقد انتخابات جديدة، وهو ما جعل الحكومة الحالية معرضة للحل في أي وقت حتى أقرب فرصة لانتخابات أخرى ممكنة بحلول يوليو (تموز) 2025؛ ما يعني أن أكبر دولتين في الاتحاد الأوروبي، وهما المحور الرئيس المحرك للقرار الأوروبي، منشغلتان داخليًّا انشغالًا يعوق حركتهما، في الوقت الذى تواجه أوروبا معضلة حروب تجارية وتنافسية بين الصين والولايات المتحدة.

برامج وقضايا ضاغطة

تحتل -عادة- القضايا الداخلية مسار اهتمام الناخب الأوروبي -والألماني أيضًا- عند كل استحقاق انتخابي، غير أن الحرب الروسية الأوكرانية، ومن قبلها وباء كوفيد- 19، غيّرت -إلى حد ما- بعض الأولويات، لأنهما أسهما -على نحو مباشر، أو غير مباشر- في توجيه سياسات الدول، وتكشف استطلاعات الرأي الحديثة في ألمانيا خلال الأشهر الماضية، سواء تلك التي استهدفت الناخبين عامة، أو المؤيدين للأحزاب المتنافسة، عن أبرز القضايا والملفات التي تهم الناخبين قبل الانتخابات المقبلة في 23 فبراير (شباط) الجاري، ويمكن بيان ذلك كما يلي:

  1. إحصاءات ستاتيستا (Statista)[4]: حدد موقع الإحصاءات 8 قضايا رئيسة تصدرت اهتمامات الألمان من أكتوبر (تشرين الأول) 2021 (عقب الانتخابات التي تشكل فيها ائتلاف إشارة مرور) حتى 14 فبراير (شباط) 2025، وهي قضايا الطاقة والمناخ، والأجور/ الأسعار، والهجرة/ التكامل، والوضع الاقتصادي، والرعاية الصحية، والمعاشات التقاعدية، والحرب الروسية الأوكرانية، واليمين المتطرف، وحزب البديل. خلال عام 2024، وشهر يناير (كانون الثاني) 2024، حتى 14 فبراير (شباط) 2025، تأتى قضايا الهجرة/ التكامل، والوضع الاقتصادي في الصدارة، وأحيانًا تكون قضية الهجرة في المقدمة، وأحيانًا أخرى تأتى في المرتبة الثانية خلف الوضع الاقتصادي، وكلتاهما تستحوذ على 40% على الأقل من اهتمامات المواطنين في استطلاعات الرأي، فيما ظلت الطاقة وتغير المناخ في مقدمة استطلاعات الرأي أعوام (2021، و2022، و2023)، مع وجود اهتمام بالحرب الروسية الأوكرانية. ولعل التفسير الأبرز لقضيتي الهجرة والوضع الاقتصادي يرجع إلى انتشار الحوادث الارهابية، خاصة عمليات الطعن الفردية في وسائل النقل والمواصلات، التي نُسب بعضها إلى مهاجرين. أما الوضع الاقتصادي، فإن عامي (2023، و2024) شهدا انكماشًا وارتفاع معدلات البطالة، وتراجعًا في الصادرات، وغيرها من المؤشرات الاقتصادية الشارحة لحالة الاقتصاد.
  2. مؤيدو الأحزاب: قد يختلف الناخب الذي يناصر حزبًا أو أيديولوجية سياسية عن نظيره المواطن الآخر الذي ربما تشغله أكثر قضايا الحياة اليومية، بخلاف أولئك الذين يعزفون عن نصرة أحزابهم كوسيلة عقابية على عدم تنفيذ البرامج الانتخابية. في هذا السياق، أعدت مؤسسة “يوغوف”، وبعض المؤسسات الأخرى، استطلاعات للرأي عن الانتخابات الألمانية، شملت اهتمامات مناصري الأحزاب الألمانية. وبحسب مسح أجري بين 1 يناير (كانون الثاني) وفبراير (شباط) 2025، اختار مناصرو الأحزاب المتنافسة في الانتخابات الفيدرالية القادمة 18 موضوعًا وقضية، مثل الهجرة واللجوء، والجريمة، والاقتصاد، وغير ذلك من سلم أولويات الناخبين الحزبيين، ويمكن توضيح ذلك في الجدول التالي:

جدول رقم 1

الحزب نسبة اعتبار الجمهور للقضايا الرئيسة
البديل من أجل ألمانيا AFDالهجرة 82%الاقتصاد 7%الجريمة 31%المعاشات 26%
الاتحاد المسيحي CDU/CSUالهجرة 69%الدفاع والأمن 30%الاقتصاد51%الجريمة 20%
الاشتراكي SPDالهجرة 39%الاقتصاد 35%الدفاع والأمن 28%المناخ والبيئة26 %
الخضر Greensالمناخ والبيئة 64%فجوة الثروة 33%الهجرة 25%الاقتصاد 24%
تحالف سارة BSWالهجرة 63%الاقتصاد31%الإيجارات والسكن 28%المعاشات 26%
اليسار دي لينكه          The leftفجوة الثروة 45%التعليم 34%الإيجارات والسكن 33%المناخ والبيئة 32%
الديمقراطي الحر FDPالهجرة 56%الاقتصاد51%الدفاع والأمن 25%المعاشات 23%

ويمكن استنتاج عدة ملاحظات من الجدول السابق:

  1. جاءت الهجرة من بين القضايا الثلاث الرئيسة عند ناخبي 6 أحزاب، فيما تقدمت قضايا فجوة الثروة، والتعليم، والإيجارات والسكن على قضية الهجرة عند ناخبي حزب اليسار (دي لينكه)، وربما يكمن تفسير ذلك في كون الحزب ينتمي إلى جذور شيوعية، وقضية الثروة هي الأهم لديهم. حظيت قضية الهجرة بنسب مئوية مرتفعة جدًّا عند ناخبي أحزاب (البديل، والاتحاد المسيحي، والديمقراطي الحر، وتحالف سارة فاغنكنيشت)، على النقيض عند ناخبي اليسار ويسار الوسط، الذين يهتمون بالقضية بدرجة أقل، وهو ما كان متماشيًا مع تحالف البديل والاتحاد المسيحي في تبني تشريع متشدد تجاه اللاجئين في البوندستاغ، عارضه الخضر والاشتراكيون، ورفضه البرلمان في 1 يناير (كانون الثاني) 2025، وتسبب في قيام احتجاجات عامة اعتراضًا على مقترح ميرتس (مرشح الاتحاد المسيحي) للهجرة، الذي دعمه حزب البديل.
  2. لا تعد قضية المناخ من أولويات ناخبي الأحزاب المتنافسة؛ فقط أنصار حزب الخضر يرونها القضية الرئيسة الأولي، مع اعتبارها قضية مهمة عند ناخبي حزب اليسار، والاشتراكيين، لكن في ترتيب أقل بعد الهجرة، والاقتصاد، والتعليم، والإيجارات والسكن.
  3. يحظى الاقتصاد باهتمام أكبر عند ناخبي الأحزاب اليمينية (الوسط والمتطرفة)، وبدرجة أقل عند أحزاب اليسار، ولعل هذا الاهتمام يتماشى مع مؤشرات تراجع الاقتصاد الألماني في ائتلاف “إشارة مرور”، وهو نقيض الحالة الاقتصادية القوية إبان حكم ميركل.

استجابات الأحزاب وفرصها

لا تعكس برامج الأحزاب بالضرورة حلولًا واقعية أو سريعة، لكنها على الأقل قد تحاول مخاطبة طموحات واهتمامات الناخبين بدرجات متفاوتة، وفي ضوء الحملات الانتخابية للأحزاب الألمانية المتنافسة منذ ما يقرب من شهرين، والبرامج الحزبية المنشورة، وكذلك المناظرات التليفزيونية التي جرت بين المرشحين على منصب المستشار، يمكن عرض القضايا الرئيسة التي ركزت عليها الأحزاب، ومدى واقعيتها كما يلي:

  1. حلول الاقتصاد: انهار الائتلاف الحاكم في ألمانيا على خلفية أزمة كبح الديون، وهي الآلية التي ينص الدستور عليها بوضع حد أقصي للدين الحكومي عند 0.35% من الناتج المحلى الإجمالي، حيث رأى المستشار أولاف شولتز -وحزبه الاشتراكي- أنه يلزم تخطى مبدأ “كبح الديون”، وتعطيل الدستور، حتى تُوفَّر مبالغ مالية تستخدم في دعم الاستثمارات العامة، خاصة البنية التحتية المتهالكة. كما أن مزيدًا من الاقتراض سوف يدخل في دعم الطاقة لخفض الأسعار المحلية، مع توفير حوافز ضريبية للشركات، تقابلها ضريبة للثروة تفرض على من تتخطى أصولهم 100مليون يورو. في المقابل، يرغب فريدريش ميرتس (مرشح الاتحاد المسيحي) في خفض ضريبة الدخل، ونزول ضرائب الشركات تدريجيًّا إلى 25%، والعودة مرة أخرى إلى استخدام محطات الطاقة النووية التي أغلقت في عهد ميركل؛ لأن ذلك سوف يسهم في خفض تكاليف الطاقة المرتفعة بعد الحرب الروسية الأوكرانية، والاعتماد على مصادر طاقة أخرى، على رأسها الغاز الأمريكي (المسال). لم يدعم الاتحاد المسيحي -بوضوح- تخطي “كبح الديون”، لكنه حتى يستطيع تنفيذ برنامجه، وتوفير موارد مالية بديلة بعد خفض الضرائب، سوف يحتاج إلى الاقتراض، أو زيادة الدين الحكومي، وهو ما يعنى الحاجة إلى تعديل الدستور الألماني، وتوقيف “كبح الديون”، وهو ما يتوافق عليه الحزب الاشتراكي، بغض النظر من منهما سوف يحصل على منصب الاستشارية. يتضامن الخضر مع الاشتراكيين في إصلاح مبدأ” كبح الديون”، ليس لنفس توجهات شولتز؛ لكن لدعم التحول إلى الطاقة الخضراء أو النظيفة، من خلال دعم السيارات الكهربائية، كما يرغب الخضر في فرض ضريبة على أصحاب الدخول المرتفعة (المليارديرات). يوافق أيضًا كل من حزب اليسار (دي لينكه) وتحالف “سارة فاغنكنيشت” على إصلاح كبح الديون، مع وجود تعديلات في منظومة الضرائب بحيث تسمح بتقليل ضرائب القيمة المضافة أو إلغائها، وفرض ضرائب على أصحاب الثروات الكبيرة. على النقيض، يرفض الحزب الديمقراطي الحر تحمل ديون حكومية جديدة، ويسعى إلى الحفاظ على “كبح الديون”. وبوصفه حزبًا مؤيدًا للأعمال التجارية والمشروعات الصغيرة، فإنه يرغب في خفض الضرائب على الشركات إلى أقل من 25%، مع تطبيق ضريبة الدخل فقط على من تزيد دخولهم على 96,600 يورو، مع رفض ضرائب الثروة.
  2. الهجرة: تنقسم نظرة الأحزاب إلى الهجرة واللجوء بين المتشدد والوسطي والبراغماتي، حيث يتجه الاشتراكي، والخضر، واليسار “دي لينكه”، نحو الآلية الإنسانية في التعامل مع اللاجئين، من خلال تبني المقاربات الخاصة بلم الشمل، وتسريع إجراءات اللجوء، وإنشاء اتفاقيات شاملة للهجرة تدعم إعادة التوطين في بيئات محلية صالحة، فيما تتبنى برامج أحزاب الاتحاد المسيحي والبديل من أجل ألمانيا وتحالف سارة فاغنكنيشت، نهجًا متشددًا بين إلغاء المزايا الاجتماعية، وفرض رقابة صارمة على الحدود، وإعادة توطين اللاجئين في دول ثالثة خارج الاتحاد الأوروبي، وعدم لم الشمل، فيما يري الحزب الديمقراطي الحر تنظيم إجراءات الهجرة من خلال قانون موحد تشرف عليه جهة واحدة، مع وجود وضع جيد للاجئين، وتقليل المزايا الاجتماعية، وتسهيل دخول العمال المهرة والمتخصصين الذين يحتاج إليهم سوق العمل.
  3. الأجور والمزايا الاجتماعية: لم يذكر حزبا “البديل من أجل ألمانيا”، و”الديمقراطي الحر” شيئًا عن رفع الحد الأدنى للأجور، بل كان هناك اهتمام بعدد ساعات العمل، ومرونة الحد الأقصى الأسبوعي من جانب “الديمقراطي الحر”، فيما صرحت أحزاب الاشتراكي، واليسار، والخضر، وتحالف سارة فاغنكنيشت، برفع الحد الأدنى للأجور ليصل إلى 15 يورو في الساعة، ويرى الاتحاد المسيحي ثبات الأجور الحالية كما هي.
  4. السياسة الخارجية والأمن: تعد موضوعات زيادة الإنفاق العسكري وميزانية الدفاع، والعلاقة مع الاتحاد الأوروبي وروسيا (بما يشمل استيراد الغاز منها)، وكل ما يتعلق بالسياسة الخارجية لألمانيا، موضع خلاف كبير بين الأحزاب المتنافسة؛ فبداية، يدعم كل من الاتحاد المسيحي والخضر والحر الديمقراطي، أوكرانيا ماليًّا وعسكريًّا وإنسانيًّا، ومدها بصواريخ “توروس”، فيما يواصل الحزب الاشتراكي دعمه أيضًا لكييف، لكن مع رفض إرسال صواريخ “توروس”، التي من شأنها توسيع رقعة الحرب[5]. على النقيض، يرفض “البديل من أجل ألمانيا”، وتحالف “سارة فاغنكنيشت” دعم أوكرانيا، مع الدعوة إلى وقف الحرب، والعودة إلى استيراد الغاز من موسكو، فيما يدين حزب اليسار غزو روسيا لأوكرانيا، لكنه يرغب في وقف الحرب. وعلى مستوى الإنفاق الدفاعي، يرغب “الاتحاد المسيحي” و”الاشتراكي” في إنفاق نسبة 2% من الناتج المحلى الإجمالي في الدفاع؛ أي زيادة الميزانيات العسكرية؛ ومن ثم تطوير الجيش الألماني، وهو أيضًا مطلب عند “الخضر” و”الديمقراطي الحر”، فيما يرفض حزب اليسار زيادة الإنفاق العسكري عبر الميزانية، ويرغب في تقليصها، وفي المقابل، لم يتطرق كل من حزب البديل من أجل ألمانيا، وتحالف “سارة فاغنكنيشت” إلى مسألة الإنفاق العسكري.

النتائج المحتملة

تمنح استطلاعات الرأي تفوقًا للاتحاد المسيحي والبديل من أجل ألمانيا، مع تراجع الاشتراكيين والخضر، وتذيل اليسار، وتحالف “سارة فاغنكنيشت”، والديمقراطي الحر. وبحسب ما نشر في مواقع مثل “يوغوف” البريطاني، ودويتشه فيله الألماني، وبوليتيكو الأمريكي، ومنصة الانتخابات الأوروبية “بوليتبرو”، فإن نتائج الانتخابات الألمانية تنحصر كما يلي:

  1. الاتحاد المسيحي: 29.1% حدًّا أدنى، و32.1% حدًّا أقصى.
  2. حزب البديل من أجل ألمانيا: 18% حدًّا أدنى، و21% حدًّا أقصى.
  3. الحزب الاشتراكي: 13% حدًّا أدنى، و17% حدًّا أقصى.
  4. الخضر: 12% حدًّا أدنى، و15% حدًّا أقصى.
  5. اليسار، والديمقراطي الحر، وتحالف سارة فاغنكنيشت: لا يتوقع أن تحصل هذه الأحزاب على فرص كبيرة لدخول البوندستاغ، أو نيل مقاعد تغير من المنافسة على الاستشارية، ما بين توقع عدم حصول “الديمقراطي الحر” على أكثر من 3%، واستطلاعات رأى قليلة تمنحه فقط 5%، وبين أن يتخطى اليسار “دي لينكه” بالكاد عتبة البرلمان”5%”، وكذلك الحال نفسها تنطبق على تحالف “سارة فاغنكنيشت”.

لذا فإن هناك سيناريوهين لنتائج الانتخابات الألمانية؛ ومن ثم تشكيل الحكومة المقبلة، وهما:

  1. الائتلاف الكبير: بفرض صحة استطلاعات الرأي وحدوثها، فإن “الاتحاد المسيحي” لا يستطيع تشكيل حكومة في ظل ما يسمى بجدار الحماية الذي يمنع التحالف مع حزب البديل من أجل ألمانيا، الذي قد يحصد 20% من مقاعد البرلمان؛ ومن ثم فليس أمام ميرتس سوى التفاوض مع الاشتراكيين والخضر، مع توقع عدم دخول “الديمقراطي الحر” البوندستاغ، وهو ما يتطلب شهورًا طويلة قد تتخطى 6 أشهر كما حدث في الحكومة الأخيرة لميركل عام 2018.
  2. حكم اليسار: يطمح المستشار الألماني أولاف شولتز ألا تصدق استطلاعات الرأي، على اعتبار أن أسهمه لم تكن قوية في الانتخابات 2021، ومع ذلك تغيرت الأوضاع إلى الأفضل قبيل الانتخابات، كما أن هناك تخوفًا من شخصية ميرتس في بعض استطلاعات الرأي، مع تقدم ضئيل حصل عليه شولتز في المناظرة الأولى التليفزيونية أمام نظيره زعيم حزب الاتحاد المسيحي. وإذا تفوق شولتز، وتقدمت أسهم حزبه، فربما يستطيع تشكيل حكومة يسارية مع أحزاب اليسار والخضر وتحالف سارة فاغنكنيشت، أو أخرى مثل الائتلاف الكبير (الاتحاد المسيحي مع الاشتراكيين)، لكن شريطة رحيل ميرتس.

ما ورد في المقال يعبر عن رأي الكاتب، ولا يعبر بالضرورة عن رأي هيئة التحرير.


شارك الموضوع