مقالات المركز

الاتحاد المغاربي.. مصر.. روسيا والصين


  • 27 أبريل 2024

شارك الموضوع

سالت الأقلام، وانطلقت الحناجر، وتعالت الأصوات، بشأن قيام تكتل جديد يخلف اتحاد المغرب العربي، وذلك بعد اللقاء الذي جمع في تونس الرئيس التونسي بالرئيس الجزائري، ورئيس المجلس الرئاسي الليبي، لكن ما قامت به ليبيا بعد ذلك من إرسال مبعوثين إلى الرباط ونواكشوط، جعل تلك الأقلام السائلة تجف، وتلك الحناجر المنطلقة تقف، وتلك الأصوات العالية تخبو.

إن الكلام عن قيام تكتل مغاربي ليس فيه المغرب وموريتانيا هو ضرب من الأوهام، ونوع من الخيال العالي، الذي يفوق خيال الشعراء والحالمين من الأدباء، خاصة في هذا الاضطراب الشديد الذي تعيشه دول منطقة.

وأنا حين عقلت، وبدأت أطّلع وأجد شيئًا من الفهم والاستيعاب، كنت كلما عرض لي موضوع المغرب العربي، يعرض لذهني ويزور فكري سؤال، هو: لماذا لا توجد مصر؟ ألا تشترك مع الدول المغاربية في تلك الصفات التي على أساسها قام الاتحاد؟ ألا يجمعها مع باقي الدول المغاربية التاريخ نفسه، والمصير المشترك، واللغة، والعرق، والبعد الإفريقي، والوجود الجغرافي؟ فبدل أن نذهب إلى تشتيت المشتت، وتفتيت المفتت، كان من باب أولى أن نذهب إلى تقوية البناء، وشد أزره.

كان سيصبح للاتحاد- حينئذ- واجهة على البحر الأحمر، ويصبح متحكمًا في معبرين بحريين منهما يتنفس العالم؛ جبل طارق، وقناة السويس، كما ستزداد قيمة هذه البلدان على المستوى المتوسطي، وتقوى كلمتها في النزاعات الدولية، مما يجعلها قطبًا قويًا.

كان للولايات المتحدة، ومن بعدها فرنسا، دور كبير في المنطقة المغاربية، وقد قطعت فيه شوطًا طويلًا، ولم يبق إلا القليل، ثم جاءت الأزمة الأوكرانية، وتوجهت الأنظار مرة أخرى نحو المنطقة، وتجلى ذلك في موقف المغرب، حين تغيّب عن التصويت على القرار الأممي الصادر عن الأمم المتحدة بخصوص الحرب في أوكرانيا.

وهذا الموقف تلقته روسيا بالقبول. وردًا للفعل، عينت روسيا السفير فلاديمير بايباكوف، الذي قدم نسخًا من أوراق اعتماده بصفته (سفيرًا مفوضًا فوق العادة) لفيدرالية روسيا لدى الملك محمد السادس.

وروسيا من خلال هذا كله ترغب في العودة إلى المنطقة المغاربية، والصين معها في ذلك أيضًا. وكما أشرت سابقًا، فإن الولايات المتحدة قطعت شوطًا طويلًا في المنطقة، وتركت لروسيا والصين الشوط القصير، فإذا كانت لهما القدرة على قطعه سيقدمان لأنفسهما خدمة كبيرة.

لم يبقَ أمام الصين وروسيا إلا إحداث توافق بين أطراف المنطقة، والعمل على صلح ذات بينها، بعدما أنهت الولايات المتحدة أكبر عائق فيها، وهو الصحراء؛ حين اعترفت بمغربيتها.

ما ورد في المقال يعبر عن رأي الكاتب، ولا يعبر بالضرورة عن رأي هيئة التحرير.


شارك الموضوع