مقدمة
شهدت المنطقة الحدودية بين سوريا ولبنان تصاعدًا في التوترات خلال الأيام الماضية، حيث اندلعت اشتباكات بين الجيش السوري و”حزب الله”؛ مما أدى إلى سقوط ضحايا من المدنيين والعسكريين. كما تعرض صحفيون لاستهداف مباشر في أثناء تغطيتهم للأحداث؛ مما أثار إدانات واسعة من الجهات الإعلامية والحكومية.
ذكرت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) أن مصورًا وصحفيًّا أُصيبا على الحدود السورية- اللبنانية قرب سد زيتا بعد استهدافهما بصاروخ موجه من “حزب الله”. وأعلنت قناة “العربية” إصابة مصورها، رستم صلاح، من جراء هذا الاستهداف، ونشرت مقطعًا مصورًا للحظة الاستهداف.
أدانت وزارة الإعلام في حكومة دمشق المؤقتة هذا الاستهداف المباشر لمجموعة من الصحفيين والإعلاميين في أثناء قيامهم بواجبهم المهني، وأكدت أن هذه الأعمال تشكل انتهاكًا صارخًا لحرية الصحافة، وتعرقل جهود نقل الحقيقة للرأي العام.
نقلت قناة “الجزيرة” القطرية عن مصدر عسكري أن مدنيين اثنين قُتلا بقصف “لحزب الله اللبناني” على ريف حمص، كما قُتل ثمانية عناصر من الجيش السوري. ومع ذلك، لم تعلن أي مصادر حكومية هذه الخسائر رسميًّا.
اندلعت الاشتباكات بعد خطف “حزب الله” عناصر من الجيش السوري وتصفيتهم ميدانيًّا يوم الأحد الموافق 16 مارس (آذار). وأظهر مقطع مصور نُشِر على منصات التواصل الاجتماعي رجم أحد عناصر الجيش السوري بعد اختطافه، قبل أن يُصفَّى لاحقًا.
ردًا على هذه الأحداث، توعدت وزارة الدفاع في حكومة دمشق المؤقتة بالرد على تصفية ثلاثة جنود سوريين. واستهدف الجيش السوري مواقع لـ”حزب الله” على الحدود، كما أرسل تعزيزات عسكرية إلى المنطقة الحدودية، وفقًا لمقاطع مصورة نشرها ناشطون على منصات التواصل.
نفى “حزب الله” في بيان له يوم الأحد أي علاقة له بالأحداث على الحدود السورية- اللبنانية. من جهته، أعلن الجيش اللبناني مقتل سوريَّين وإصابة آخر عند الحدود، حيث نُقل الجريح إلى مستشفى، ولكنه فارق الحياة لاحقًا.
نفّذ الجيش اللبناني “تدابير أمنية استثنائية”، وأجرى اتصالات مكثفة مع الجانب السوري؛ مما أدى إلى تسليم الجثامين الثلاثة إلى سوريا عبر معبر جوسيه- القاع الحدودي بوساطة الصليب الأحمر. كما رد الجيش اللبناني على مصادر النيران بـ”الأسلحة المناسبة” بعد تعرض قرى وبلدات لبنانية لقصف من جهة الأراضي السورية، وعزّز انتشاره في المنطقة.
شهدت الحدود السورية- اللبنانية اشتباكات سابقة في فبراير (شباط) الماضي بين الجيش السوري و”حزب الله”، عقب إطلاق إدارة أمن الحدود التابعة لوزارة الدفاع حملة أمنية موسعة في قرية حاويك الحدودية. هدفت الحملة إلى إغلاق منافذ تهريب الأسلحة والمخدرات، وأسفرت عن توقيف عدد من المطلوبين المتورطين في عمليات تهريب غير مشروعة، بالإضافة إلى ضبط كميات كبيرة من الأسلحة والمخدرات.
شاركت في الحملة دبابات ومدرعات وطائرات مسيرة وأسلحة ثقيلة؛ مما يعكس حجم التحديات الأمنية التي تواجهها المنطقة الحدودية وخطورتها.
تشهد المنطقة الحدودية بين سوريا ولبنان تصاعدًا في التوترات، مع استمرار الاشتباكات بين الجيش السوري و”حزب الله”. استهداف الصحفيين في أثناء تغطيتهم للأحداث يسلط الضوء على الأخطار التي يتعرض لها العاملون في مجال الإعلام في مناطق النزاع.
تأتي هذه الأحداث في سياق أوسع من التحديات الأمنية والاقتصادية التي تواجهها سوريا ولبنان؛ مما يتطلب جهودًا دولية وإقليمية لاحتواء الأزمة، ومنع تصاعدها. في الوقت نفسه، تظل الحاجة ملحة إلى ضمان حرية الصحافة وحماية الصحفيين في أثناء قيامهم بواجبهم المهني في نقل الحقيقة.
ما ورد في المقال يعبر عن رأي الكاتب، ولا يعبر بالضرورة عن رأي هيئة التحرير.