القضايا الاقتصاديةوحدة الدراسات الصينية

اتفاقية التجارة الحرة “التاريخية” مع الآسيان تعزز الازدهار المشترك والدائم


  • 27 مايو 2025

شارك الموضوع
i مصدر الصورة: chinadaily

تشكل الزيارة الأخيرة التي قام بها وزير الخارجية الهولندي كاسبر فيلدكامب إلى الصين، بدعوة من وزير الخارجية الصيني وانغ يي، محطة بارزة في سلسلة التبادلات الدبلوماسية الرفيعة المستوى الجارية بين الصين والاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء.

وتأتي هذه الزيارة في أعقاب سلسلة من اللقاءات الدبلوماسية الرفيعة المستوى، منها الاجتماعات مع وزير الخارجية الدنماركي لارس لوكه راسموسن، والمحادثات الهاتفية مع وزير الخارجية الألماني يوهان واديفول، ونظيره البولندي رادوسلاف سيكورسكي. وتؤكد هذه التفاعلات عمق الروابط المتنامية بين الصين والاتحاد الأوروبي.

ويصادف هذا العام الذكرى الخمسين لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين الصين وسلف الاتحاد الأوروبي، (الجماعة الاقتصادية الأوروبية)، في 6 مايو (أيار) 1975. وعلى مدى العقود الخمسة الماضية، بنى الطرفان علاقة متينة في مجالي التجارة والاستثمار، حيث قفز حجم التبادل التجاري الثنائي من 2.4 مليار دولار سنويًّا إلى 786 مليار دولار في عام 2024، وأصبحت شركات أوروبية كبرى، مثل فولكسفاغن، وسيمنز، وفيليبس، وهاينكن، وميرسك، وكارلسبرغ، أسماء مألوفة في السوق الصينية؛ مما يعكس عمق التعاون الاقتصادي بين الجانبين.

وبالإضافة إلى ذلك، أنشأت الصين والاتحاد الأوروبي آليات متعددة للحوار والتشاور، تشمل المجالات الإستراتيجية والاقتصادية والتجارية والرقمية والبيئية والثقافية؛ ما يدل على التزامهما بتوسيع آفاق التعاون ومعالجة نقاط الخلاف.

وتُظهر تجربة العقود الخمسة الماضية أنه رغم اختلاف النظم السياسية ومسارات التنمية، فقد جنت الصين والاتحاد الأوروبي فوائد ملموسة من جهودهما التعاونية؛ حيث ازدهرت شراكتهما على أساس الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة، مع تركيز كلا الجانبين على التعاون بدلًا من الصراع. وقد أثمر تنسيقهما المتعدد الأطراف نتائج راسخة.

وتحوّلت العلاقات الصينية الأوروبية إلى واحدة من أكثر العلاقات تأثيرًا على الساحة الدولية، وأسهمت إسهامًا مهمًّا في تحسين مستوى معيشة شعبي الجانبين، وتعزيز السلام والتنمية في العالم.

وبوصفهما من أبرز المدافعين عن التعددية في عالم متعدد الأقطاب، تؤيد الصين والاتحاد الأوروبي التمسك بالقوانين والمؤسسات الدولية، ومنها الأمم المتحدة، ومنظمة التجارة العالمية، في الوقت الذي يعارضان فيه السياسات الحمائية، والإستراتيجيات الجيوسياسية الانقسامية.

وتحمل التبادلات الأخيرة بين الصين والاتحاد الأوروبي أهمية إضافية، إذ أعاد الطرفان تأكيد التزامهما بالدفاع عن القانون الدولي والأعراف العالمية، ومواجهة التحديات العالمية، وتعزيز السلام والاستقرار في مناطق مثل أوروبا والشرق الأوسط. ومن خلال توحيد جهودهما في قضايا مثل تغير المناخ، والاستجابة للأوبئة، وتسوية النزاعات، يمكن للصين والاتحاد الأوروبي تسخير قوتهما الجماعية لتحقيق نتائج إيجابية على الساحة الدولية.

وينبغي لهما دعم التعددية، وحماية العدالة والإنصاف، ورفض الأحادية والتنمر السياسي، وتعزيز التعاون في مواجهة التحديات العالمية، والعمل من أجل عالم متعدد الأقطاب يقوم على المساواة والنظام، ومن أجل عولمة اقتصادية عادلة وشاملة تعود بالنفع على الجميع، بما يسهم في تعزيز السلام والاستقرار والتنمية والازدهار العالمي.

وعلى الرغم من الاعتراف بوجود خلافات، مثل النزاعات التجارية، وقضايا حقوق الإنسان، فإن التقدم المُحرز في معالجتها بالحوار والتعاون يعكس الإمكانات الكامنة في الانخراط البنّاء بين الجانبين. ومن خلال تعزيز الفهم المتبادل، واعتماد التعاون بدلًا من المواجهة، يمكن للطرفين فتح آفاق جديدة للنمو الاقتصادي، والتقدم الاجتماعي. ولا ينبغي أن يأتي سعي الاتحاد الأوروبي إلى تحقيق “الاستقلال الإستراتيجي” على حساب شراكته مع الصين، إذ إن التعاون المتبادل هو مفتاح تحقيق الازدهار المشترك والابتكار.

ومن خلال تجاوز الخلافات، والتحلي بروح الاحترام المتبادل والتعاون، تستطيع الصين والاتحاد الأوروبي أن يشكّلا نموذجًا إيجابيًّا للمجتمع الدولي، وأن يُسهما في بناء عالم أكثر تناغمًا وترابطًا.

المصدر: صحيفة الصين اليومية (China Daily) الصينية


شارك الموضوع