إستراتيجيات عسكريةمقالات المركز

إيران وإسرائيل بين التصعيد بحرب إقليمية والحل الدبلوماسي


  • 21 يونيو 2025

شارك الموضوع

ردت إيران على الهجمات الإسرائيلية المستمرة بإطلاق موجتين من الصواريخ فوق الصوتية في الساعات الأولى من يوم الأربعاء، في اليوم السادس من الصراع الذي بدأ بهجوم غير مبرر من إسرائيل.

وذكرت صحيفة “وول ستريت جورنال” أن اجتماع الرئيس الأمريكي دونالد ترمب مع فريق الأمن القومي لم يسفر عن قرار بمهاجمة إيران. وأكد مسؤول في البيت الأبيض أن الاجتماع الذي عُقد في “غرفة العمليات” استمر نحو ساعة و20 دقيقة، دون تقديم أي تفاصيل إضافية.

ومن بين الخيارات التي يدرسها ترمب استخدام قنابل تمتلكها الولايات المتحدة حصريًّا، وقادرة على تدمير منشأة “فوردو” لتخصيب اليورانيوم المدفونة في أعماق الجبال، والتي لا تستطيع القنابل الإسرائيلية الوصول إليها.

وجاء الاجتماع بعد أن تصاعدت تهديدات ترمب ضد المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي؛ مما زاد التكهنات بشأن احتمال تدخل عسكري أمريكي في المواجهة المستمرة منذ أيام.

وقال ترمب إن الولايات المتحدة لم تكن شريكًا في الهجوم على إيران. ومع ذلك، فإن الأسلحة المستخدمة في الهجوم كانت جميعها أمريكية الصنع، وقُدّمت مجانًا كجزء من المليارات الممنوحة لإسرائيل بقرار من الكونغرس.

وطلب ترمب استسلامًا غير مشروط من طهران كشرط للسلام. كما ألمح إلى تغيير النظام عندما قال إن الولايات المتحدة تعرف الموقع الدقيق للمرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي. وقبل أيام قليلة، أفاد مسؤول أمريكي لوكالة “فرانس برس” أن ترمب عارض خطة إسرائيلية لاغتياله.

كان ترمب قد سخر من الرئيس أوباما لإشراك الولايات المتحدة في حروب تغيير الأنظمة في الشرق الأوسط، مثل ليبيا وسوريا. وقد حمل ترمب خلال حملته الانتخابية وعدًا بإنهاء التورط الأمريكي في حروب الشرق الأوسط. ومع ذلك، يبدو أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وجماعات الضغط التابعة له في “أيباك” قد يسيطرون على ترمب.

ويواجه ترمب قرارًا قد يجر الولايات المتحدة إلى حرب كبرى، مما قد يؤدي إلى هجمات انتقامية على القواعد الأمريكية في الأردن والسعودية والبحرين وقطر والإمارات، حيث يوجد أكثر من 40 ألف جندي أمريكي في المنطقة.

[لطالما حذر نتنياهو من التهديد النووي الإيراني لمدة 33 عامًا]. في مقطع مصور لـ”الجزيرة“، يُظهر الأرشيف تصريحات نتنياهو بدءًا من عام 1992 بأن إيران كانت على بعد أسابيع فقط من امتلاك قنبلة نووية. وقد كرر الشعارات النووية نفسها عقودًا.

إيران لا تمتلك قنبلة نووية، لكن إسرائيل تمتلكها. نحن نعلم أن نتنياهو كذب بشأن التهديد الوشيك من إيران، فلماذا يتخذ الآن إجراءات عسكرية منفردة؟

يعتقد الخبراء أن نتنياهو يشعر بالتمكين بسبب وجود ترمب في السلطة. كل إدارة أمريكية تمنح الضوء الأخضر لإسرائيل، لكن ترمب هو الصهيوني الأمريكي الأكبر. بينما سمح بايدن ببدء الإبادة الجماعية في غزة، فإن ترمب زاد تأجيجها، بل وصل إلى حد التحكم شخصيًّا في أي طعام متاح في غزة، في حين يعاني السكان المجاعة. وقد تلقى القناصة الإسرائيليون تعليمات بإطلاق النار على أي شخص جائع يحاول الوصول إلى الطعام.

إيران هي ثالث أكبر منتج في “أوبك”، حيث تنتج نحو 3.3 مليون برميل يوميًّا من النفط الخام. ويقول مسؤولون أمريكيون إن إيران يمكنها زرع ألغام في مضيق هرمز الإستراتيجي إذا انضمت الولايات المتحدة إلى الحملة العسكرية الإسرائيلية، مما قد يحبس السفن الحربية الأمريكية في الخليج العربي، ويؤدي إلى مواجهة إقليمية.

وفقًا للإعلام الإيراني، ارتفع عدد القتلى في طهران وإيران إلى 585 شخصًا، مع إصابة أكثر من 1326 شخصًا في الهجمات الإسرائيلية التي بدأت منذ أيام، في حين أفادت وسائل إعلام إسرائيلية بمقتل 24 شخصًا على الأقل وإصابة 592 آخرين في الهجمات الانتقامية منذ أن بدأت إسرائيل الهجوم غير المبرر على إيران.

واستهدفت الضربات الأخيرة عدة منشآت نووية وعسكرية حساسة في إيران؛ ففي أصفهان، تعرضت أربعة مبانٍ، منها منشأة لتخصيب اليورانيوم، لأضرار. وفي نطنز، تعرضت أنظمة الطرد المركزي السطحية للضرب، لكن المصنع تحت الأرض لتخصيب اليورانيوم لا يزال سليمًا. أما منشأة “فوردو”، المدفونة على عمق 500 متر داخل جبل، فقد لحقت بها أضرار سطحية فقط. كما كانت المواقع النووية الرئيسة الأخرى في طهران وآراك وبوشهر تحت المراقبة، على أن وضعها الحالي لا يزال غير واضح.

تمتلك إسرائيل والولايات المتحدة ذخائر متطورة مصممة لاختراق الهياكل المحصنة.

قنبلة (BLU-109) التي تزن 900 كيلوغرام، تستخدمها الطائرات الإسرائيلية من طراز F-35، وتخترق من 1.8 إلى أكثر من 2.4 متر من الخرسانة.

قنبلة (GBU-28) التي تزن 2250 كيلوغرامًا، تستخدمها الطائرات F-15، وتخترق من 5 إلى 6 أمتار من الخرسانة.

قنبلة (GBU-57) التي تزن 13600 كيلوغرام، وهي قنبلة لا تستخدمها إلا القاذفات الأمريكية من طراز B-2 Spirit، وقادرة على اختراق ما يقارب 60 مترًا من الخرسانة.

تتكون القوات المسلحة الإيرانية من 610 آلاف جندي نشط، و551 طائرة حربية، و107 سفن بحرية، منها 25 غواصة، و1713 دبابة. وتبلغ ميزانية الدفاع الإيرانية لعام 2025 نحو 15.4 مليار دولار، وتحتل القوات الإيرانية المرتبة 16 عالميًّا.

 أما قوات الدفاع الإسرائيلية فتتألف من 170 ألف جندي نشط، و611 طائرة حربية (بما في ذلك المقاتلات الشبحية F-35، و62 سفينة بحرية منها 5 غواصات، و1300 دبابة. وتبلغ ميزانية الدفاع الإسرائيلية لعام 2025 نحو 24.4 مليار دولار. وتحتل القوات الإسرائيلية المرتبة 15 عالميًّا.

تتمتع إيران بقوات تقليدية ضخمة وترسانة صواريخ باليستية واسعة. كما أن قدراتها المتطورة في حرب الطائرات المسيرة، بما في ذلك الطائرات المسيرة الهجومية الطويلة المدى، تمنحها ميزة. وبسبب العمق الجغرافي الإيراني، يصعب تدمير المواقع الرئيسة. كما تستخدم إيران تكتيكات بحرية غير متناظرة، تعتمد على الغواصات والقوارب السريعة الهجومية.

في المقابل، تتمتع إسرائيل بتفوق جوي واضح، مع طائرات شبحية وقدرات ضرب دقيق. كما أن أنظمة الدفاع الصاروخي المتعددة الطبقات، مثل “القبة الحديدية”، و”مقلاع داود”، و”السهم”، تعزز أمنها. وتشتهر إسرائيل بعملياتها السيبرانية والاستخباراتية المتطورة، ويعتمد تفوقها العسكري على الدعم الأمريكي القوي، الذي يضمن حصولها على أسلحة متطورة مجانًا، بغض النظر عن القوانين الدولية، أو انتهاكات حقوق الإنسان.

أعربت إيران عن انفتاحها على المحادثات عن طريق وساطة عربية، في حين تطالب الولايات المتحدة بإنهاء البرنامج النووي الإيراني. وكان من المقرر أن يلتقي المبعوث الأمريكي إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف بمسؤولين إيرانيين في عمان يوم الأحد، لكن إسرائيل شنت الهجوم غير المبرر يوم الجمعة، مما أفسد خطط إدارة ترمب لإنهاء سلمي للطموحات النووية الإيرانية.

إيران مجزأة جدًّا، وليس لديها تقليد طويل من الديمقراطية، أو حركة معارضة موحدة.

وقال الأمير الإيراني رضا بهلوي من المنفى: “الجمهورية الإسلامية وصلت إلى نهايتها، حان الوقت لاستعادة إيران”. وقد بنى بهلوي نفسه علاقات ودية مع إسرائيل، على أمل أن يُنصَّب كحكومة عميلة جديدة للولايات المتحدة، كما كان والده شاه إيران.

يعتمد الصراع على ما إذا كانت القنوات الدبلوماسية يمكنها تجاوز التصعيد العسكري. بينما يمنح التفوق التكنولوجي الإسرائيلي مزايا تكتيكية، فإن صمود إيران وشبكات وكلائها الإقليميين يضمنان استمرار التقلبات. وقد عبر حلفاء الولايات المتحدة الغربيون عن دعمهم لإسرائيل، وتصرفوا كما لو كان لإسرائيل الحق في شن هجوم غير مبرر على إيران. ويبدو أن المجتمع الدولي غير مدرك للقانون الدولي، إلا إذا تعلق الأمر ببلده.

أمس، تحدث ملك الأردن، الملك عبد الله الثاني بن الحسين، أمام البرلمان الأوروبي في ستراسبورغ. وفي إشارة إلى سلسلة النزاعات الدائرة حول العالم، قال الملك: “يشعر عالمنا بأنه بلا مرساة- كما لو أنه فقد جاذبيته الأخلاقية”.

ما ورد في المقال يعبر عن رأي الكاتب، ولا يعبر بالضرورة عن رأي هيئة التحرير.


شارك الموضوع