وحدة الدراسات الصينية

أفضل وقت للمساعدة في إنهاء الصراع الروسي- الأوكراني هو الآن


  • 23 أغسطس 2025

شارك الموضوع
i مصدر الصورة: chinadaily

إن أحدث الجهود الدبلوماسية المكثفة الرامية إلى المساعدة في إنهاء الصراع الروسي- الأوكراني المستمر منذ اثنين وأربعين شهرًا توفر فرصة لاستعادة السلام، وهي فرصة لا ينبغي السماح لها بأن تضيع، على الرغم من كثرة الخلافات، وضخامة التحديات المقبلة.

ومع أنّ الرئيس الأمريكي دونالد ترمب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين لم يتوصلا إلى اتفاق لإنهاء الصراع، فإنّ قمتهما في أنكوراج، ألاسكا، عُدّت خطوة حيوية نحو إحلال السلام في أوكرانيا. والأهم أنّ ترمب صرّح بأنّه يحاول تحديد موعد لعقد قمة بين بوتين ونظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي. وقد أعقبت قمة أنكوراج قمة أخرى عقدها ترمب مع زيلينسكي وعدد من القادة الأوروبيين في واشنطن يوم الاثنين.

ويستحق ترمب شيئًا من التفهّم إزاء سعيه للتواصل مع من يُوصفون بأنهم خصوم الولايات المتحدة، بما في ذلك روسيا؛ لأنّ من الضروري التحدث مع “الطرف الآخر”، وليس مع الحلفاء والدول الصديقة فحسب، من أجل التوصل إلى تسوية سلمية وإنهاء النزاعات.

وعلى النقيض من ذلك، فإنّ غياب هذه الدبلوماسية بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي من جهة، وروسيا من جهة أخرى، خلال إدارة جو بايدن، كان جزءًا من الأسباب التي أدت إلى تفاقم الأزمة الأوكرانية خلال السنوات الثلاث الماضية وأكثر؛ ونتيجة لذلك، فقد أودى الصراع بحياة الآلاف وتسبب في خسائر اقتصادية كبيرة للطرفين.

إن إطالة أمد الصراع وتصعيده، وهو ما يبدو أنّ بعض الدول الأوروبية تسعى إليه، لن يؤدي إلا إلى كوارث أكبر، ليس على أوكرانيا وروسيا فحسب، بل على أوروبا أيضًا. ومع الأسف، لا يزال ذلك الخيار هو المفضل لدى كثير من الساسة الأوروبيين، رغم إطرائهم العلني لجهود ترمب الرامية إلى المساعدة في إنهاء النزاع، فكثير منهم ما زال يحلم برؤية روسيا تتعرض لهزيمة حاسمة، ولا يعتقد أنّ ترمب يعمل لخدمة مصالحهم الحقيقية.

ولهذا السبب، سعى بعض القادة الأوروبيين إلى إنكار ضرورة وجدوى قمة ألاسكا من خلال الادعاء بأنّ بوتين لا يريد السلام، ولا يمكن الوثوق به. ولن يحقق الاتحاد الأوروبي أي مكاسب من خلال الدعوة إلى فرض عقوبات جديدة على روسيا، كما ظل يفعل في ظل التحركات الدبلوماسية لترمب، فقد صرحت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، ورئيسة السياسة الخارجية للاتحاد كايا كالاس، في وقت سابق من هذا الأسبوع، بأنّ الحزمة التاسعة عشرة من العقوبات الأوروبية على روسيا يجب أن تكون جاهزة بحلول سبتمبر.

لكن إذا كانت جولات العقوبات الثماني عشرة السابقة قد فشلت في تحقيق النتيجة المرجوة، فهل ستحدث الحزمة التاسعة عشرة أي فرق؟

أي متابع لهذا الصراع الممتد إلى أكثر من ثلاث سنوات، سيتضح له أن أفضل وقت للدول الوسيطة من أجل التوسط لإبرام اتفاق سلام بين روسيا وأوكرانيا هو الآن، وليس بعد ثلاث سنوات أخرى.

وبالفعل، فإنّ مطالب الأطراف المعنية متضاربة: بدءًا ممّا يُسمى بـ”تبادل الأراضي” الذي طرحه ترمب، إلى عضوية أوكرانيا في حلف شمال الأطلسي، وصولًا إلى “ضمانات أمنية تفصيلية”، وهذه كلها قضايا صعبة، ولا سيما لطبيعتها الحساسة سياسيًّا. غير أنّ ذلك لا ينبغي أن يثني الساعين بصدق إلى السلام عن مواصلة مساعي الوساطة بين موسكو وكييف.

ومن المرجح أن يتطلب التوصل إلى اتفاق سلام بين روسيا وأوكرانيا جولات كثيرة من المفاوضات، غير أنّ إعلان وقف لإطلاق النار والشروع في محادثات يظل أفضل دائمًا من استمرار القتال. وكما قال ونستون تشرشل عام 1954: “المحادثات أفضل دائمًا من الحروب”.

لقد دعت الصين منذ ثلاث سنوات إلى وقف فوري لإطلاق النار، وبدء الحوار لإنهاء الصراع الروسي- الأوكراني. والآن، وقد برزت فرصة جديدة لإنهاء النزاع، فإنه يتعين على الأطراف المعنية ألا تضيّع مزيدًا من الوقت الثمين لاستعادة السلام.

المصدر: صحيفة الصين اليومية (China Daily) الصينية


شارك الموضوع