نواصل في هذا المقال عرض كتاب “بين الفولغا والنيل”، الذي يتألف من 24 مقالًا، ويقع في 396 صفحة. وقد عرضنا في الجزء الأول عشرة مقالات من الكتاب. ونكمل هنا بقية المقالات.
جاء المقال الحادي عشر بعنوان “الفنان إيفان ياكوفيليفيتش بيليبين في مصر”، للمستشرق الروسي البارز فلاديمير بلياكوف. ويؤكد المقال أنه بعد اندلاع ثورة 1917 في روسيا، هاجرت مجموعة من النخبة المثقفة إلى خارج البلاد، وكان من ضمن تلك النخبة الفنان الروسي البارز إيفان ياكوفليفيتش بيليبين، الذي رُحِّلَ في مطلع عام 1920 مع مجموعة من اللاجئين على متن السفينة ساراتوف من نوفورسيسك إلى الإسكندرية، ومر على معسكر اللاجئين الروس في التل الكبير، ثم استقر في القاهرة. يعرض المقال المراسلات التي كانت بين المؤلف ولودميلا تشيريكوفا. ولودميلا هي طالبة بيليبين النجيبة، التي كانت بصحبته في مصر، والتي غادرت إلى والدها في التشيك، ثم استقرت في الولايات المتحدة الأمريكية. وحكت لودميلا بالتفصيل في هذه المراسلات عن الفترة التي قضتها في مصر. وأين كانت عيش في القاهرة، وماذا كانت تعمل بجانب مساعدة بيليبين.
ينتقل بنا كتاب “بين الفولغا والنيل” إلى المقال الثاني عشر بعنوان “في ضيافة الملك البريطاني.. مذكرات الجنرال ف. ب. ريربرج حول ترحيل اللاجئين الروس إلى مصر”، بقلم المستشرق الروسي البارز فلاديمير بلياكوف. يستمر الكاتب في هذا المقال في سرد أحوال اللاجئين الروس في مصر عام 1920، من خلال الوثائق الأرشيفية والمذكرات، حيث اعتبر الكاتب أن المذكرات التي كتبها اللواء ورئيس الأركان فيدور بيتروفيتش ريربرج، تضيف الألوان الزاهية غير المتوقعة إلى لوحة ترحيل اللاجئين من روسيا. بالإضافة إلى ذلك، تمتعت المذكرات بقيمة أدبية عالية، حيث يصف ريربرج رحلة السفينة ساراتوف من ميناء نوفوروسيسك مرورًا بالقسطنطينية وقبرص، ثم الوصول إلى ميناء الإسكندرية والتوزيع على معسكرات اللاجئين.
يستعرض المستشرق الروسي البارز فلاديمير بلياكوف في المقال الثالث عشر، الذي جاء بعنوان “روسيا وسيناء.. خبايا وأسرار تفصح عنها مخطوطات سيناء”، الأماكن المقدسة في شبه جزيرة سيناء، التي ورد ذكرها في سفر الخروج، وفي مقدمتها العليقة الملتهبة، وجبل سيناء. ويذكر المقال على لسان الرحالة الروسي البارز أ. ف. يليسيف (1858- 1895) أن الحاج الروسي قد عرف طريقه إلى الأماكن المقدسة، ربما قبل أن يعم نور المسيحية جميع الأسرة السلافية. كما يذكرنا المقال أن أولى الكتابات التي تخص الحجاج الروس الذين زاروا سيناء ترجع إلى عام 1370، وكتبها أرشمندريت ديرسمولينسك أفرامسكي أجريفيني، وبداية اهتمام روسيا بسيناء من بين كل الأماكن المقدسة الأخرى. وقد حازت القديسة كاترين شهرة طاغية في روسيا، كما أن بطاركة الشرق الذين كانوا يذهبون إلى روسيا لجمع الصدقات والتبرعات، كان يسمح لهم بدخول العاصمة الروسية موسكو دون أن ينتظروا على الحدود، بناء على الوثيقة الممنوحة لدير سيناء. ويحكي لنا المقال عددًا من القصص والروايات المثيرة لاهتمام القارئ العربي.
ثم ينتقل الكتاب إلى المقال الرابع عشر بعنوان “روميل والعبيد الروس.. رحلة العودة إلى الوطن”، للمستشرق الروسي فلاديمير بلياكوف، حيث يستمر الكاتب في هذا المقال في سرد الحقائق عن الحرب العالمية الثانية من خلال الوثائق الأرشيفية التي تتعلق بالعبيد الروس، وهو الوصف الذي كان يطلق على عدد من جنود الجيش الأحمر ضمن الأسرى المحررين “العبيد الروس لرومل”.
ثم يأتي المقال الخامس عشر بعنوان “تاريخ الصحافة الروسية في مصر”، بقلم فلاديمير بلياكوف أيضًا، ليلقي الضوء على كيفية تشكيل الصحافة الروسية، خاصة في البلدان التي يوجد على أرضها الشتات الروسي.
وينتقل بنا كتاب “بين الفولغا والنيل” إلى المقال السادس عشر بعنوان “روسيا بعيون مصري.. رحلة محمد طلعت إلى سانت بطرسبورغ ما بين 1906-1907″، للمستشرق الروسي البارز جينادي جورياتشكين. يتناول الكاتب في هذا المقال الكتاب الصغير الذي أصدره محمد طلعت، والذي يتألف من 80 صفحة صغيرة الحجم، ويرجع إليه الفضل في إلقاء الضوء على انطباعات المصريين عن روسيا والروس منذ مئة عام. ويوثق فيه محمد طلعت رحلته إلى سانت بطرسبورغ للعمل محررًا في صحيفة التلميذ، بناء على خطاب أرسله صديقه التتاري المواطن الروسي لطف الله شكري الإسحاقي الذي تخرج في جامعة الأزهر.
وفي المقال السابع عشر، يلقي الكاتب جينادي جورياتشكين الضوء على الفترة التي أقام فيها المبعوث الدبلوماسي الروسي والقنصل العام، أليكسي ألكسندروفيتش سميرنوف، في وادي النيل، والتي تقدر بعشرين عامًا. وقد جاء المقال بعنوان “لم يكن دبلوماسيًّا فحسب.. مرور 158 عامًا على ميلاد أليكسي ألكسندروفيتش سميرنوف”.
يلقي جينادي جورياتشكين أيضًا في المقال الثامن عشر من كتاب “بين الفولغا والنيل”، الذي يحمل عنوان “رحلة الأمراء المصريين إلى روسيا”، الضوء على الاتصالات التي كانت قائمة بين أفراد أسرة رومانوف الحاكمة في روسيا وأسرة محمد علي في مصر، في نهاية القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين، ودورها في تطوير الحوار الثقافي- الحضاري بين مصر وروسيا.
وفي المقال التاسع عشر، وعنوانه “ستالينغراد تفتح الباب.. بمناسبة مرور 65 عامًا على إقامة العلاقات الدبلوماسية بين الاتحاد السوفيتي ومصر”، يحاول جينادي جورياتشكين أن يلقي الضوء على تاريخ العلاقات المصرية السوفيتية.
في حين يستعرض المقال العشرون السياسة الخارجية للاتحاد السوفيتي في إفريقيا في عشرينيات القرن الماضي وثلاثينياته، التي تعد من أكثر الموضوعات المثيرة للجدل والمناقشة في تاريخ الأدب، وذلك من خلال المقال الذي جاء بعنوان “كيف حاول الاتحاد السوفيتي التغلغل إلى مصر، طبقًا لرواية المهاجر الأبيض؟”، للمستشرق الروسي البارز جينادي جورياتشكين.
وتنتقل بنا المستشرقة الروسية البارزة فيرونيكا كونكوفا إلى المخطوطة العربية رقم “إس-703″، التي يحتفظ بها معهد المخطوطات الشرقية التابع لأكاديمية العلوم الروسية في سانت بطرسبورغ، حيث تتضمن هذه المخطوطة فيضًا من المعلومات عن الخليفة المنصور، أحد حكام الدولة العباسية، من خلال المقال الحادي والعشرين، الذي يحمل عنوان “معلومات عن الخليفة المنصور- من مخطوطة داخل كتاب (مختصر الدول)”.
ثم تأخذنا المستشرقة الروسية البارزة وعالمة المصريات إلينورا كورميشيفا في رحلة تاريخية من خلال المقال الثاني والعشرين، الذي جاء بعنوان “أرشيفات خفرع عنخ.. لقطات من يوميات البعثة الأثرية في الجيزة”.
يقترب كتاب “بين الفولغا والنيل” من نهايته بالمقال الثالث والعشرين، الذي يحمل عنوان “اللاجئون السياسيون الروس في مصر في مطلع القرن العشرين”، للمستشرق الروسي فلاديمير بلياكوف، ويوضح الدور الذي اضطلع به المهاجرون الروس مرة أخرى في مصر منذ نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين.
ثم يختتم الكتاب مجموعة المقالات بالمقال الرابع والعشرين، الذي جاء بعنوان “تاريخ الكنيسة الأرثوذكسية الروسية في مصر”، للمستشرق الروسي البارز فلاديمير بلياكوف، ليقدم لنا هذا الكتاب جرعة مكثفة من المعلومات عن أبرز المعالم على طريق العلاقات المصرية الروسية، التي تعد- في كثير من الأحيان- مثيرة للقارئ العربي.
ما ورد في المقال يعبر عن رأي الكاتب، ولا يعبر بالضرورة عن رأي هيئة التحرير.