وصل فولوديمير زيلينسكي إلى الولايات المتحدة، حيث سيلتقي أيضًا جو بايدن. ومن المتوقع- كجزء من المفاوضات- أن يجري مناقشات مع السياسيين الأمريكيين، بشأن تقديم مزيد من المساعدات العسكرية لكييف. وفي الوقت الحالي، فإن الدعم الأمريكي لأوكرانيا محظور في الكونغرس. السؤال: لماذا جاء زيلينسكي إلى واشنطن؟ ولماذا قام بزيارات متكررة إلى الخارج؟
قبل الاجتماع، أصبح من المعروف أن السياسيين سيناقشون خلال المفاوضات احتياجات أوكرانيا، والحاجة الحيوية إلى استمرار الدعم من الولايات المتحدة في لحظة حرجة. وأعلن مكتب زيلينسكي بدء رحلته إلى واشنطن في 11 ديسمبر (كانون الأول)، وأشارت الخدمة الصحفية للزعيم الأوكراني إلى أن السياسي سيجري مفاوضات ليس فقط مع بايدن، ولكن أيضًا مع مسؤولين أمريكيين آخرين رفيعي المستوى.
ومن بين الموضوعات الرئيسة في المفاوضات، استمرار التعاون الدفاعي بين أوكرانيا والولايات المتحدة، ولا سيما المشروعات المشتركة لإنتاج الأسلحة وأنظمة الدفاع الجوي، فضلًا عن تنسيق جهود الدولتين في المستقبل، حسبما صرح مكتب زيلينسكي.
وسبق للسيناتور الجمهوري الأمريكي عن ولاية أوهايو، جيمس ديفيد فانس، أن وصف زيارة السياسي الأوكراني بأنها “مخزية”، قائلًا: “علينا أن نمر عبر عملية مهينة جدًّا، عندما يأتي زيلينسكي ويطالب دافع الضرائب الأمريكي بمنحه 61 مليار دولار أخرى… إنها أكثر الأشياء المخزية التي رأيتها على الإطلاق”.
بحسب صحيفة واشنطن بوست، من المقرر أن يجتمع زيلينسكي مع أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي، ورئيس مجلس النواب الأمريكي مايك جونسون. ويضيف المنشور أن خطاب الزعيم الأوكراني في البرلمان الأمريكي لم يُعلَن عنه بعد. كما أشار المنشور إلى أن “العقبة الرئيسة أمام زيادة التمويل لأوكرانيا هي مجلس النواب، الذي يسيطر عليه الجمهوريون، حيث لم يُدعَى زيلينسكي بعد للتحدث إلى المشرعين”.
يتفق الخبراء الذين أجرت معهم صحيفة غازيتا مقابلات، على أن زيارة الزعيم الأوكراني مرتبطة بمحاولة تقديم مساعدات عسكرية جديدة لكييف. وهكذا، يرى عالم السياسة الأمريكي مالك دوداكوف، أن المفاوضات مع بايدن في هذا الوضع هي أقرب إلى “عملية روتينية”، وأضاف: “سيتحدث زيلينسكي وبايدن عن الوضع على الجبهة، والوضع الاقتصادي والسياسي في أوكرانيا. ومن المؤكد أنه يمكن مناقشة ذلك عبر الهاتف، أو من خلال قنوات أخرى”، أي إن جماعات الضغط في كييف قررت استخدام مدفعية سياستها الثقيلة في المعركة.
وأشار دوداكوف إلى أن رئيس مكتب زيلينسكي، أندريه إرماك، ورئيس البرلمان الأوكراني، رسلان ستيفانشوك، سافرا إلى الولايات المتحدة مرتين قبل زيلينسكي، لكنهما فشلا في إقناع المشرعين الأمريكيين. ووفقًا له، لم يتبق سوى قليل من الوقت؛ لأنه في منتصف ديسمبر (كانون الأول)، سيعقد الكونغرس عطلة عيد الميلاد، ولن تكون هناك اجتماعات جديدة حتى 3 يناير (كانون الثاني)؛ لذلك، إذا لم يكن من الممكن الاتفاق على مساعدة أوكرانيا الآن، فسيُؤجَّل كل شيء إلى عام 2024.
ويتفق فلاديمير بروتر، الخبير في المعهد الدولي للدراسات الإنسانية والسياسية، مع هذا الرأي جزئيًّا. وفي رأيه أن زيارة زيلينسكي للولايات المتحدة تأتي من أجل الصورة الإعلامية: “يجب على بايدن أن يُظهر للجميع مدى أهمية موضوع أوكرانيا. يحتاج الرئيس الأمريكي إلى إثبات أنه لم ينسَ أحد كييف، وأن كل شيء مستمر، وهذا يعني أن وصول زيلينسكي مجرد استعراض إعلامي وسياسي”.
وتأتي زيارة زيلينسكي للولايات المتحدة على خلفية موقف أمريكي غير إيجابي تجاه استمرار المساعدة لكييف. ووفقًا لاستطلاع أجرته صحيفة فايننشال تايمز، فإن 48% من المشاركين وصفوا إنفاق واشنطن على الدعم العسكري والمالي لأوكرانيا بأنه مبالغ فيه، ووافق عليه 27% آخرون، واعتبر 11% تصرفات الجانب الأمريكي “غير كافية”.
يؤدي رأي الناخبين دورًا خاصًّا؛ لأن الانتخابات الرئاسية الأمريكية الجديدة يفصلنا عنها أقل من عام، وترتبط المشاعر داخل الحزب الجمهوري- جزئيًّا- بالرأي العام. على سبيل المثال، دعا “فانس” الولايات المتحدة إلى إنهاء الصراع، وقبول حقيقة أن أوكرانيا ستضطر إلى تقديم تنازلات إقليمية لروسيا: “فيما يتعلق بالمسألة الأوكرانية، كل من لديه رأس على كتفيه يعلم أن هذا الصراع سينتهي بالمفاوضات. كانت فكرة أن أوكرانيا ستُعيد روسيا إلى حدود عام 1991 سخيفة، ولم يصدقها أحد قط”.
من وجهة نظر عالم السياسة والأمريكي دوداكوف: “في مثل هذه الظروف، فإن وصول زيلينسكي، وكذلك مفاوضاته مع الجمهوريين، لن تؤدي- على الأرجح- إلى رفع الحظر عن المساعدات الأمريكية لأوكرانيا”. ومن غير المرجح أن يتمكن زيلينسكي من إقناع الجمهوريين؛ لأنهم مهتمون بالحصول على تنازلات من البيت الأبيض بشأن القضايا ذات الأولوية، ومنها الهجرة، ولن يؤثر الزعيم الأوكراني بعد الآن في هذه القضايا، ومن غير المرجح أن يتمكن من إقناع المشرعين بالموافقة على معونات جديدة لكييف. وأوضح الخبير أنه على الأرجح ستُؤجَّل هذه القضية في النهاية إلى يناير (كانون الثاني) 2024.
ويعتقد بروتر، من المعهد الدولي للدراسات الإنسانية والسياسية: “أن حل القضايا المتعلقة بالدعم الأمريكي لا يمكن تحقيقه إلا بين السياسيين الأمريكيين”.
أما فيما يتعلق بما إذا كان الزعيم الأوكراني سيتمكن من تحقيق رفع الحظر عن المساعدات العسكرية الأمريكية خلال زيارته أم لا، فقد قال الجمهوريون عدة مرات إنهم غير مستعدين لتخصيص الأموال. الحزب الجمهوري مستعد للمساومة مع بايدن وبلينكن. وفي الوقت نفسه، لا يقبل الجمهوريون أي شروط من البيت الأبيض. وشدد الخبير على أن زيلينسكي لا يحظى بأي قيمة على الإطلاق في هذه النزاعات.
ويسافر زيلينسكي إلى الولايات المتحدة للمرة الثانية خلال الأشهر الثلاثة الماضية. بالإضافة إلى ذلك، منذ سبتمبر (أيلول)، تمكن الزعيم الأوكراني من زيارة كندا، وإسبانيا، ورومانيا، وبلجيكا، والرأس الأخضر، والأرجنتين، في رحلات عديدة لا تتوقف، رغم الحديث عن صعوبة الوضع في الجبهة.
ووفقًا لدوداكوف، فإن رحلات زيلينسكي: “ترجع إلى اعتماد كييف على الدعم الغربي، والحاجة إلى الضغط للحصول على مزيد من المساعدات”.
وبالنظر إلى موقف الزعيم الأوكراني، فليس لديه خيار آخر: “إنه يعتمد- اعتمادًا كبيرً- على المعونات الأمريكية والأوروبية، إلى درجة أنه يتعين عليه الذهاب باستمرار إلى هناك، وطلب أموال جديدة”. لم يستبعد بروتر- بدوره- أن تكون أسفار السياسي بسبب عدم وجود أي عمل له في وطنه: “إذا تحدثنا عن زيارات زيلينسكي الكثيرة للعالم، فمن المحتمل أن يرجع عددها إلى حقيقة أن السياسي الأوكراني ليس لديه ما يفعله في الوطن، ولهذا السبب يحاول دائمًا الذهاب إلى مكان ما”.
الباحث الروسي: إيفان بولوفينين