إستراتيجيات عسكريةوحدة الدراسات الصينية

كيف تُقلق إستراتيجية الحوثيين غير المتكافئة الولايات المتحدة وإسرائيل؟


  • 8 أبريل 2025

شارك الموضوع

أعلنت جماعة الحوثي اليمنية هذا الشهر استئناف هجماتها على السفن الإسرائيلية المارة عبر البحر الأحمر، وبحر العرب، ومضيق باب المندب، وخليج عدن. ردًا على ذلك، كثّفت الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى عملياتها العسكرية ضد الحوثيين. وقد أثر تصعيد هذا “الصراع غير المتكافئ” في الوضع الإقليمي بالبحر الأحمر، وجنوب شبه الجزيرة العربية.

اعتمدت جماعة الحوثي في ​​معظمها على مبدأ “الضعيف ضد القوي”؛ ومن ثم اعتمدت على “إستراتيجية غير متكافئة” لشن “صراعات غير متكافئة” كوسيلة أساسية لتحقيق أهدافها السياسية والعسكرية. وتُعدّ مواجهتها مع الولايات المتحدة وإسرائيل مثالًا نموذجيًّا لهذه الإستراتيجية.

مع أن حكومة الحوثيين تتخذ العاصمة اليمنية صنعاء مقرًا لها، فإنها لا تزال تُعدّ من جانب معظم الدول والمنظمات الدولية جماعة مسلحة غير حكومية، ولم تحظَ باعتراف واسع من المجتمع الدولي. هذا التفاوت في المكانة يُصعّب على الحوثيين الحصول على الدعم الدولي، ويمنح الولايات المتحدة وإسرائيل ميزة نفسية. بالإضافة إلى ذلك، سواء من حيث أعداد القوات، أو الأسلحة المتطورة، أو فاعلية الضربات العسكرية، فإن الحوثيين في مستوى مختلف مقارنةً بخصومهم.

وبسبب هذه العيوب، لجأ الحوثيون إلى تكتيكات وأسلحة غير متكافئة لخلق “ميزة غير متكافئة” فريدة في مواجهاتهم العسكرية مع الولايات المتحدة وإسرائيل، فهم يستخدمون طائرات مسيرة انتحارية، وصواريخ منخفضة التكلفة لمهاجمة مجموعات حاملات الطائرات الأمريكية والأراضي الإسرائيلية، في حين تصل تكلفة الإجراءات المضادة الأمريكية والإسرائيلية إلى مئات الآلاف، بل ملايين الدولارات، لكل اعتراض. كما يستغل الحوثيون تضاريس شمال اليمن استغلالًا كاملًا، مستخدمين تكتيكات حرب العصابات لإبقاء القوات البحرية الأمريكية مشتتة، مما يقلل كثيرًا فاعلية الضربات الجوية.

هذا النموذج “غير المتكافئ” للصراع يُعزز قوة الحوثيين، ويُصعّب على خصومهم ممارسة نفوذهم بالكامل. من الواضح أن تصرفات كلٍّ من الحوثيين والتحالف الأمريكي الإسرائيلي أصبحت عوامل رئيسة في إعادة تشكيل الديناميكيات الإقليمية والعالمية.

أولًا- سيستمر الوضع في اليمن في التدهور. منذ اندلاع الجولة الأخيرة من الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، تعثرت عملية السلام في اليمن، وسيؤثر الصراع المستمر سلبًا -حتمًا- في الحوار السياسي الداخلي في اليمن، وجهود التخفيف من الأزمة الإنسانية في البلاد، والمصالحة بين الحوثيين ودول الخليج، مثل المملكة العربية السعودية.

ثانيًا- سيزداد الوضع الإسرائيلي الفلسطيني تعقيدًا. تُمثل المواجهة بين الحوثيين والتحالف الأمريكي الإسرائيلي جولة جديدة من الصراع بين ما يُسمى بمحور المقاومة في الشرق الأوسط والتحالف الأمريكي الإسرائيلي. ومع تصاعد الأعمال العدائية، من المرجح أن تُدمج الولايات المتحدة وإسرائيل الحوثيين في خططهما المستقبلية المتعلقة بالقضية الفلسطينية. من المرجح أن تستمر أفعال جماعات المقاومة في الشرق الأوسط على المدى الطويل؛ مما يخلق مزيدًا من العقبات أمام حل القضية الإسرائيلية الفلسطينية.

ثالثًا- ستواجه سياسة الولايات المتحدة تجاه الشرق الأوسط في ظل الإدارة الجديدة تحديات. تشير تفاصيل من محادثات مجموعة الحرب الأمريكية المسربة مؤخرًا إلى وجود انقسامات كبيرة داخل الحكومة الأمريكية بشأن العمليات العسكرية ضد الحوثيين، حتى إن الكثيرين يعتقدون أن الضربات الأمريكية على الحوثيين أتاحت لأوروبا الاستفادة من نفوذها. إذا تصاعد الصراع العسكري مع الحوثيين، فسيتعين على صانعي القرار الأمريكيين -حتمًا- إعادة تقييم مصالحهم، وقد يُجرون تعديلات كبيرة على سياستهم تجاه الشرق الأوسط.

أخيرًا- ستتفاقم أزمة البحر الأحمر، وسيستمر تأثيرها السلبي في الشحن العالمي. في ظل التباطؤ الاقتصادي العالمي وتزايد الأخطار على التجارة الدولية، قد يؤدي أي خلل في سلسلة التوريد العالمية إلى أزمات جديدة. قد تؤثر هذه الاضطرابات في الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي للدول التي تعتمد على طرق الشحن الرئيسة، بل قد تدفع القوى الغربية إلى تشديد سيطرتها على الممرات المائية الدولية.

المصدر: صحيفة غلوبال تايمز (Global Times)

ما ورد في المقال يعبر عن رأي الكاتب، ولا يعبر بالضرورة عن رأي هيئة التحرير.


شارك الموضوع