أبحاث ودراسات

قمة الفرص الممكنة


  • 3 أكتوبر 2025

شارك الموضوع

توطئة

إذا كان صحيحًا أن الاتحاد السوفيتي بحزبه وأيديولوجيته وسياسته وقادته، قد صار جزءًا من التاريخ، فإن هذا لا يعني بالضرورة أن روسيا ليست جزءًا من الحاضر؛ فثمة حقائق موضوعية ومعطيات جيوسياسية لا تنال منها تغيرات الزمن، وطبائعه المتقلبة؛ فروسيا تعد من الدول الرئيسة التي أدت أدوارًا مهمة في النظام الدولي بجميع مراحل تطوره، وقد كانت منطقة الشرق الأوسط والخليج العربي -بحكم موقعهما الجغرافي وأهميتهما الإستراتيجية- من المناطق التي لطالما سعت روسيا إلى أن تكون لاعبًا مؤثرًا فيها.

أولوية الجيوسياسة

مع إعلان الكرملين -على لسان الرئيس فلاديمير بوتين- الدعوة إلى عقد القمة “الروسية- العربية” الأولى، يتضح أن موسكو التي تراقب، بل تعمل من تحت الطاولة وفوقها، لمحاولة إنهاء مقولة “أوراق اللعبة كلها في يد واشنطن” التي روج لها البعض، أدركت حجم خسائرها الناجمة عن إهمال هذه المنطقة، وشروعها بالبحث عن مصالحها المفقودة أو المتراجعة، وخصوصًا في الشرق الأوسط.

وإذا كانت روسيا لا تتطلع إلى البعث الإمبراطوري، فهي تحرص دائمًا على الظهور بمظهر القوة العظمى، كأحد أهم محددات السياسة الخارجية لها، ويرجع ذلك أساسًا إلى أن علاقات موسكو بالمنطقة، تعد محددًا مهمًّا في معادلة العلاقات الروسية- الأمريكية.

فانخراط روسيا في المنطقة العربية جلب عوائد كثيرة، أهمها تعزيز المكانة العالمية، وزيادة النفوذ، وبعض الاستثمارات الاقتصادية الجيدة، بالإضافة إلى زيادة النفوذ على حساب الخصوم الغربيين، حيث تروق لموسكو كثيرًا هذه السياسة التي تبدو فيها كقوة كبرى، خاصة في منطقة الشرق الأوسط، التي تتسم فيها السياسة الخارجية الروسية بقدر كبير من الواقعية، ودرجة عالية من المرونة، ربما تجعلها مختلفة عن سياسات الغرب.

في المداولات بين الإستراتيجيين من أتباع المنهج التحليلي، يرون أن العدسة الرئيسة التي ينظر من خلالها العقل السياسي الروسي إلى الشرق الأوسط، تُظهره على أنه فضاء جيوسياسي قيّم، ومكان تلتقي فيه المصالح الإقليمية والعالمية.

على هذا النحو، فهو ساحة للصراعات الدولية السياسية والاقتصادية والأمنية، هذه الميزات تجعل الشرق الأوسط قادرًا على تشكيل تهديد محتمل للأمن القومي الروسي، لتنطلق السياسة الروسية الجديدة وفق عنقود آراء من أنه لا يمكن لأي نظام عالمي أن يتشكل بعيدًا عن الشرق الأوسط؛ لما يمثله من قلب العالم، ومنه يتقرر مركز التوازنات والقوى، ولكونه يمثل منصة ارتكاز، ورافعة سياسية لأي دور محتمل لأي قوة، أمريكية كانت، أو روسية، أو أوروبية.

إذ تعتقد روسيا أن إمكاناتها وإرثها السياسي وتوجهاتها الحالية تؤهلها لحجز مكان بارز في خريطة تشكل العالم الجديد، ومع ذلك تعمل موسكو بحذر في هذه المنطقة الملأى بالألغام السياسية، وتحاول ألا تخسر أحدًا من الأطراف.

توازيًا، باتت النخبة الروسية تدرك أنها تأخرت في تبني “دبلوماسية القمة” مع الدول العربية، وقد سبقتها الصين في ثلاث قمم (سعودية- خليجية- عربية) في أكتوبر (تشرين الأول) ٢٠٢٢، فضلًا عن أن روسيا (نفسها) عقدت قمتين مع الدول الإفريقية (الأولى في سوتشي- ٢٠١٩، والثانية في سانت بطرسبورغ- ٢٠٢٣).

آفاق التقارب

تساوقًا، يطفو التقدير الروسي لموقف الدول العربية من الحرب في أوكرانيا على سطح العلاقات البينية (الروسية العربية)، ولا بد من أخذه في الحسبان عند تشريح الدعوة الرئاسية الروسية النادرة إلى القمة المرتقبة، حيث حرصت الدول العربية في سلوكها العملي على تبني سياسة متوازنة إزاء الأزمة التي فرضتها الحرب، وبدت الأغلبية مقتنعة بأن الإبقاء على علاقات جيدة مع موسكو يظل وسيلة فعالة لتحسين موقفها التفاوضي مع الولايات المتحدة، وتوسيع مجال المناورة السياسية أمامها، وتنويع خياراتها، فيما تثمن موسكو جهود الوساطة (الإماراتية السعودية) للتوسط في صفقات لتبادل الأسرى مع كييف، وكذلك جهود الرياض لاستضافة أولى جولات التفاوض مع واشنطن لاستعادة الثقة في العلاقات بين البلدين، وبحث مستقبل السلام في أوكرانيا.

إن هذه الديناميكيات تعكس حاجة روسيا إلى إعادة بناء نفوذها في المنطقة، خاصة بعد التحولات الإقليمية والدولية، التي أثرت في قدراتها العسكرية والسياسية، مثل خسارة موسكو نفوذها الجزئي في سوريا، والتحولات الجيوسياسية في دول أخرى مثل ليبيا، والعراق قبلها.

وبعيدًا عن “البيزنس” الحربي القائم بين روسيا ودول العالم العربي، الذي يدلل على تحولات جيوسياسية عميقة في المنطقة، حيث تمثل هذه الشراكات أداة أساسية لتحقيق أهداف موسكو المتعلقة باستقرار المنطقة، وتلبية حاجاتها الاقتصادية والسياسية.

إن قلق روسيا، ذلك البلد الذي تعرضت سيادته الوطنية لانتهاك أكثر من مرة منذ تأسيسه، بما فيها في القرن العشرين، هو الدينامية الخفية التي تفتح باب البحث وراء هذه الدعوة إلى القمة الأولى من نوعها في تاريخ الشعبين (العربي والروسي)، حيث تدفع الجهود المبذولة، التي لا تحتمل التأويل، باتجاه كشف الهدف الرئيس الذي يعمل الخط الرأسي لسلطة الدولة الروسية على اعتماده كإستراتيجية طموحة في الشرق الأوسط، وهو أن تصبح روسيا شريكًا في اتخاذ القرار العالمي، فلم تكن موسكو تحفز رؤية معينة في الاعتقاد، وإنما بوصفها قوة عالمية، وقبل دخولها قلب الشرق الأوسط الملتهب، كان على روسيا الولوج عبر سوريا، البوابة الشمالية للشرق العربي، ومفتاح الاستقرار فيه، وعبر تركيا، الجسر الواصل بين الشرق والغرب، وعبر إيران، البوابة الشرقية للمنطقة العربية، التي تجسدها ثلاث دوائر جغرافية متجاورة، تزداد أهميتها مع الوجود الأمريكي في قلبها وأطرافها (العراق- أفغانستان) دون أن نغفل وجود إسرائيل.

وفي هذا الصدد، تنطلق موسكو في توجهاتها السياسية بالمنطقة من معايير ومحددات معينة، منها: وجود الجالية الروسية الأكبر في إسرائيل، وبوصفها عضوًا في مجلس الأمن.

إن جوهر المنطلق السابق لدى عدد كبير من المختصين -غربيين وروسيين- هو أن تنحو القيادة الروسية نحو تقرير ما الذي يمكن أن تقوم به بالتعاون مع الدول العربية المدعوة إلى القمة، وما الذي لا يستطيعه الكرملين على نحو محدد.

وإذا كان -وفق المنظور البوتيني- التحالف الإستراتيجي لم يتحقق ككل، فمن الضروري تحديد بعض عناصره القابلة للتحقيق؛ ولذا فإن موسكو ستبدي خلال القمة تطلعها نحو التوصل إلى اتفاقات (عربية- روسية)، ولو بالحد الأدنى الممكن.

فبين روسيا والدول العربية من الروابط ما يكفي: لا بد من العودة إلى الحوار البناء ولو في الأطر المحددة، وتأكيد الرغبة في هيئة الأمم المتحدة لتخفيض مستوى التوتر والتصعيد بالشرق الأوسط، وتشابه المواقف إزاء عدد من الاتجاهات الإقليمية.

الفضاء ما بعد السوفيتي

إن الكرملين على إدراك جلي أن روسيا- الدولة، أمام لحظة ثقيلة يجب دفعها قدر الإمكان إلى المستقبل، مهما كان ثمن ذلك غاليًا، ففي توزع القوى العالمية الجديد، تناقصت حصة روسيا إلى حد كبير، لكن ليس مطلقًا، إذ احتفظت روسيا بكثير من موروث الاتحاد السوفيتي في الخارج، فاحتفظت بمقعد العضوية الدائمة بمجلس الأمن الدولي، وفي الداخل بالسيف الصاروخي النووي، وهذا ما ضمن لها حرية اختيار الطريق وتشكيل الأحلاف، وإبرام اتفاقيات التحالف.

ولا يمكن لتنشيط السياسة العربية تجاه روسيا من خلال هذه القمة، وغيرها من أوجه التعاون وتنسيق الرؤى المشتركة الممكنة، مع النظر بدون تحامل إلى المستقبل المحتمل للشعوب، ألا يأتي أكله، فهذا طريق مهدته الدبلوماسية الروسية منذ قرون: بطرس الأكبر عثر على حلفاء له ضد السويديين، وكاترين الثانية أسست الرابطة الشمالية، وعلى مدى القرن التاسع عشر كانت روسيا من أصدقاء بروسيا- ألمانيا، وفي القرن العشرين راهنت موسكو على عدوى التقارب في منطقة جارة لها، لم تكن قط، وليست هي الآن متراصة، ومتكاتفة.

ثمة اتجاه يكتسب ثقلًا ملموسًا بين السياسيين الروس ذوي النفوذ، المرتبطين بعالم رأس المال الدولي وطبقة المديرين، وبين الصحفيين المؤثرين، وفي صفوف المختصين السياسيين، لفهم هذا التحول الحاصل في إدراك معنى الشرق الأوسط، وآفاقه المحتملة، من حيث انطلقت دعوته الأولى عام ١٩٩٣ من جانب تاسع رئيس لإسرائيل (٢٠٠٧- ٢٠١٤)، وأحد أهم ساستها قاطبة منذ نشأتها حتى اليوم (شيمون بيريز)، إذ يؤشر أن إسرائيل، وغيرها من دول الجوار العربي، باتت تراهن -منذ وقت مبكر نسبيًّا- على تحلل الطبيعة النظمية للحضور العربي في النظام الشرق أوسطي.

وكشفت تطورات العقدين الماضيين -منذ ذلك الحين حتى اليوم- عن أن عوامل التحلل لم تطل فقط ما كان متبقيًا من فاعلية الحد الأدنى للنظام العربي، ومن إدراكه بوصفه نظامًا إقليميًّا، بل إنها طالت مفهوم الدولة العربية ووجودها، حيث تصاعدت حدة الأزمة البنيوية التي تواجهها هذه الدولة وشرعيتها، حتى بات بعضها يواجه خطر الانتهاء والتفكك الفعلي، في حين يجاهد البعض الآخر لاحتواء تنامي عوامل الصراع، والتفكك الداخليين.

ولا شك أن قمة العالمين (الروسي والعربي) المنتظرة -في رأيي- لحظة تحمل كثيرًا من المدلولات؛ فقد باشر الجيوستراتيجيين والجيواقتصاديين الروس، بمهمة إعادة هيكلة التكوين الإقليمي للدولة عن طريق صياغة، وتعميق أفق جيوسياسي نحو الدول العربية، مع ملاحظة أن طموح روسيا السياسي، ورغبتها في العودة إلى المنطقة، وأداء دور فاعل فيها، يتطلب منها الحفاظ على علاقات الاتحاد السوفيتي القديمة، والنخبة السياسية بالدول العربية من مختلف التيارات السياسية، وليس فقط مع الشيوعية، بل حتى مع الإسلاميين؛ لذلك أبقت روسيا على مدرسة الدبلوماسية الشرق أوسطية، كما أسس لها السوفيت، وهي في الوقت الذي تسعى فيه إلى تحسين علاقاتها مع الدول العربية والإسلامية، فإنها تحتفظ بعلاقات وطيدة مع تل أبيب، ليس فقط بسبب وجود الجالية الروسية الأكبر خارج روسيا في إسرائيل، بل من منطلق فهمها السياسي لمعادلات النظام الدولي.

نهج العرب المحتمل

ولربما ستكون المبادرات المطلوبة (لاحقًا) هي من العرب، وليس من روسيا، كفرصة تاريخية لخلق توازن قوى في المنطقة، ما يعني بالتحديد دعم العرب للدور الروسي، وتعميق علاقتهم بها، على الأقل باعتبار أن روسيا قريبة جغرافيًّا وتاريخيًّا من العرب، ويهمها استقرار المنطقة وأمنها، ولديها مصلحة مشتركة في تقليص نفوذ الولايات المتحدة بالمنطقة، ومنع تزايد هيمنتها، وهذا ما يفسر -جزئيًا- سياسة موسكو الراهنة، التي لا تعدو كونها وسيطًا لبقًا بين أطراف متنازعة، وأن غايتها ليست المواجهة مع أي طرف من أطراف الصراع بقدر سعيها إلى منع الاضطراب، وهي سياسة تختلف تمامًا عما يدور في خلد دول المنطقة، وعما تريده من موسكو. هذه ليست رؤى تنبؤية؛ بل نحن إزاء واقعة حية، فروسيا لم تولِ منطقة الشرق الأوسط الاهتمام الكافي في حقبة التسعينيات بحكم الظروف التي كانت تمر بها آنذاك، وكانت إعادة موسكو علاقاتها الدبلوماسية مع تل أبيب عام ١٩٩١ القضية الملموسة الوحيدة في سياساتها بالمنطقة العربية في تلك الفترة.

وبدءًا من عام ٢٠٠٠، أخذ الدفء يدب في جسد العلاقات الروسية- الشرق أوسطية، خاصة الاقتصادية، بعد أن كادت تفقدها، كما أقامت صلات جديدة، ولعل زيارة الرئيس الروسي الحالي فلاديمير بوتين إلى المغرب والجزائر عام ٢٠٠٦، المؤشر الأعلى لانطلاق مراحل النشاط المحموم مكان مراحل التراجع الروسي في المنطقة، والبحث عن “خنادق جديدة”، وعن خط جديد للدفاع، فقد كان لزيارة الجزائر صدى عالمي كبير، خاصة في مسألة الطاقة، المهمة لأوروبا، فإنشاء تكتل روسي- جزائري لصناعة الغاز، يكون نواة لتكتل غازي عالمي على غرار “أوبك” العالمية، ومن ناحية ثانية، تعويض روسيا خسارتها الشريك الاقتصادي المهم والوحيد في الشرق الأوسط أيام الاتحاد السوفيتي، العراق، الذي بات في القبضة الأمريكية، نفطًا، وأرضًا، ومجالًا حيويًّا، ما شكّل عودة روسيا إلى المنطقة من جديد.

روسيا زعيمة أكبر الأحلاف تاريخيًّا، لا تعمل دبلوماسيتها على وضع هؤلاء ضد أولئك في سياق تحالفاتها، ولكن السياسة -كالحياة- لا تعرف السكون، ومن شأن التغيرات الجارية أن تؤدي على نحو يكاد يكون حتميًّا إلى ظهور الإمكانات، واستغلال هذه الإمكانات واجب رجالات التاريخ الروسي تجاه وطنهم.

أولوية الجذب التدريجي

مع علو صوت أنصار التقارب المتدرج من الطيف السياسي الروسي، أخذ المنهج البراغماتي يتبلور في سياسة روسيا الخارجية، ولقد أبصر هذا الانعطاف النور في تعامل موسكو مع أحداث الثورات العربية، فلم تعلن روسيا تأييدًا صريحًا للثورة والثوار في أي بلد عربي.

وقد التزمت موسكو الصمت حيال الأحداث لحين نضجها ووضوح الصورة، كما حدث في تونس ومصر، ووقفت موقف الحياد أو المتابع المتأني، كما في حالة اليمن والبحرين، في حين أبدت مواقف مؤيدة للسلطة الحاكمة في ليبيا، وتأكد هذا التأييد أوضح ما يكون في الحالة السورية، لكن موسكو حرصت في الوقت  نفسه على بناء قنوات تواصل مفتوحة مع الثوار؛ في محاولة منها لتحقيق أكبر قدر ممكن من التوازن، والتأكيد الدائم لنزاهة مواقفها، وحرصها على الاستقرار الداخلي والإقليمي للدول العربية؛ بهدف الإبقاء على علاقاتها مع تلك الدول محل الثورات، بغض النظر عن الطرف الذي يسيطر على السلطة، وتكون له الغلبة في النهاية.

فيما يذهب بعض المعلقين الغربيين في الرصد والتعليق على القمة الروسية- العربية إلى ربطها بجولة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب في الخليج العربي، منتصف أيار/ مايو الماضي، التي حظيت باهتمام دولي عريض، سواء فيما يتعلق بنتائجها الاقتصادية والصفقات الضخمة التي أُنجزت خلالها، أم نتائجها على السلام والاستقرار القائمين، هذا بجانب ما عكسته هذه الجولة من مكانة محتجزة لدول الخليج في الشؤون الإقليمية والدولية.

مواجهة الائتلافات

يبقى “النقش الذهبي”، الذي ينمو كمفهوم في روسيا اليوم على النطاق الوطني العام، هو سيناريو الطريق المقبول لإدامة أي تحالف، وإبقاء قوة استمراره حية، بأي شكل من الأشكال، فلا يستطيع التكتيك والإستراتيجية دائمًا تغيير مصير بلاد عظيمة، ومجالات تأثيرها، إذا توقفت رياح التاريخ عن دفع شراعها، إذ سيكون من الضروري لروسيا أن تبرهن لمنافسيها المحتملين على فائدتها، وأن تقدم تنازلات للآخرين، أو أن تقف في معارضة هؤلاء المنافسين، وعندئذٍ سيبدأ فصل جديد من الرواية الطويلة في هذه “الجريمة المنظمة”، وهو التعريف المبتكر للشرق الأوسط، حسب وصف الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما في مقال جيفري غولدبرغ، معه وعنه في مجلة “ذي أتلانتك” المرموقة، لتغدو ضرورة اختيار الحليف -وفق وضع المنظومة المعاصرة للعلاقات الدولية- في غاية الإلحاح للجبروت الروسي، ولن يقتصر تأثير هذا الاختيار بين الغرب الساهر على الحالة الراهنة، والشرق الذي يغير ميزان القوى العالمية، على ميزان القوى الجيوسياسي في عالم المستقبل المتشكل؛ بل سيشمل إثبات هوية روسيا القادمة.

القمة المقبلة في روسيا مبادرة مستجدة لتسلم موسكو مسوح الزعامة الإقليمية، ومعطى آخر لكيلا يتفادى الرئيس الروسي “الشرق الأوسط”، كما دعا إلى ذلك الرئيس أوباما في مقاله السالف الذكر، أي إلى تفادي منطقتنا، بالعكس لأن روسيا على حدود هذه المنطقة، وجزء من تفاعلاتها الدينية والجيوسياسية. باختصار: بوتين يرتب حضوره فيها.

ما ورد في الدراسة يعبر عن رأي الكاتب، ولا يعبر بالضرورة عن رأي هيئة التحرير


شارك الموضوع