مقالات المركز

ضيف يوم الجمهورية.. أزمة بين الهند وباكستان


  • 14 يناير 2025

شارك الموضوع

تولي الهند أهمية دبلوماسية كبيرة لاختيارها الضيف الرئيس المدعو إلى يوم الجمهورية، وتبدأ القنوات الدبلوماسية عملها قبل أشهر من ذلك، ويتم الانتهاء من الاسم أو الأسماء قبل أسابيع على الأقل من الحدث الذي يصادف إعلان الهند جمهورية ديمقراطية، واعتماد دستور البلاد بعد الاستقلال. في كل عام، تدعو نيودلهي زعماء العالم لحضور احتفالات يوم الجمهورية. وفي العام الماضي، كان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الضيف الرئيس، وتشرف الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بهذه المناسبة عام 2023. ولم يكن هناك ضيف رئيس في يوم الجمهورية في عامي 2021 و2022 بسبب جائحة كوفيد- 19، ولكن لم يتم تأكيد الضيف الرئيس لحدث يوم الجمهورية هذا العام رسميًّا بعد، علمًا بأن الأنباء تشير إلى أن الرئيس الإندونيسي برابوو سوبيانتو هو اختيار الحكومة ليوم الجمهورية في الهند عام 2025، ومع ذلك، هناك أيضًا ارتباك بشأن التأخير المزعوم في التأكيد الرسمي من الحكومة.

إذن، لماذا تؤجل الهند الإعلان الرسمي عن اسم الضيف الرئيس في يوم الجمهورية؟ قيل إن الرئيس الإندونيسي حدّد زيارته إلى باكستان بزيارة الهند في يوم الجمهورية. ويقال إن هذه الخطة المحتملة لبرابوو دفعت نيودلهي إلى محاولة منعه من القيام بذلك. ولطالما دفعت الهند إلى إزالة الارتباط بين باكستان والعلاقات الثنائية مع الدول الأخرى، وبالفعل بدأت باكستان بالاستعداد لاستضافة برابوو، ومن المرجح أن يبدأ الرئيس الإندونيسي زيارته الرسمية التي تستمر ثلاثة أيام إلى إسلام آباد بدءًا من 26 يناير (كانون الثاني). وشكل رئيس الوزراء الباكستاني شهباز شريف لجنة برئاسة إحسان إقبال، وزير التخطيط والتنمية في حكومته؛ لوضع اللمسات الأخيرة على جميع المقترحات والإجراءات قبل زيارة الزعيم الإندونيسي للبلاد.

إن الهند لا توجه دعواتها للاحتفال بيوم الجمهورية إلا إلى البلدان التي تربطها بها علاقات دبلوماسية قوية، ويقال إن الحكومة الهندية تحاول تجنب فكرة الجمع بين زيارة برابوو للهند وزيارة باكستان، وقد تدهورت العلاقات بين الهند وباكستان، الدولتين المتجاورتين، في السنوات الأخيرة؛ بسبب زعم نيودلهي أن إسلام آباد تدعم الإرهاب عبر الحدود، وانخرطت الدولتان في قتال جوي عام 2019 في أعقاب الضربات الجوية الهندية على مركز تدريب لمسلحين في بالاكوت الباكستانية في أعقاب هجوم إرهابي استهدف قوات الأمن الهندية في جامو وكشمير.

أثارت نيودلهي القضية دبلوماسيًّا مع جاكرتا؛ على أمل إقناع برابوو بعدم السفر مباشرة إلى إسلام آباد بعد احتفالات يوم الجمهورية في الهند. وتنظر الحكومة الهندية إلى قيام برابوو برحلة مباشرة إلى باكستان بعد عرض يوم الجمهورية بوصفه مؤشرًا سيئًا لموقفها المبدئي المتمثل في عدم التعامل مع بلد يستخدم الإرهاب أداةً للسياسة الخارجية. كانت آخر مرة زار فيها رئيس إندونيسي الهند للاحتفال بيوم الجمهورية عام 2018، عندما كان الرئيس آنذاك جوكو ويدودو ضيفًا رئيسًا.

ومن المثير للاهتمام أن ويدودو سافر أيضًا مباشرة إلى إسلام آباد من نيودلهي، ولكن في تلك المناسبة، كان من بين (10) من زعماء جنوب شرق آسيا دُعوا ضيوفًا رئيسين مشتركين ليوم الجمهورية. ووجهت الهند دعوة مشتركة لجميع رؤساء دول رابطة دول جنوب شرق آسيا للاحتفال بمرور (25) عامًا على الانضمام إلى الرابطة.

تمثل هذه الزيارة أهمية استثنائية، حيث تعمل الهند وإندونيسيا على إبرام صفقة دفاعية بقيمة (450) مليون دولار، وهي صفقة من شأنها أن تكون الأولى من نوعها؛ لأنه من المرجح أن تُدفَع قيمتها بالروبية (4 مليارات روبية، وستُموَّل الصفقة من خلال قرض من أحد البنوك الهندية لصالح إندونسيا)، وتتضمن الصفقة شراء الصواريخ التي تنتجها شركة براهموس، وهو مشروع مشترك بين منظمة البحث والتطوير الدفاعي الهندية وشركة إن بي أو ماشينوسترويينيا الروسية. وقد أرسلت الحكومة الإندونيسية خطابًا رسميًّا للحصول على ذخائر صاروخ “براهموس”، الذي يعد من أسرع الصواريخ في العالم .

من المرجح أن تُعلَن الصفقة في يوم الجمهورية. كما أن انضمام إندونيسيا رسميًّا إلى مجموعة دول البريكس، التي تضم الهند وروسيا بوصفهما عضوين مؤسسين، مهَّدَ لإتمام الصفقة بالروبية. وتعمل نيودلهي وجاكرتا على تعزيز التعاون في قطاع الدفاع منذ توقيع الشراكة الإستراتيجية الشاملة عام 2018. وقد شاركت الدولتان في مناورات بحرية ثنائية. وفي أبريل (نيسان) من العام الماضي، نُظِّمَ أول معرض وندوة لصناعة الدفاع بين الهند وإندونيسيا في جاكرتا. لدولة تقع في جنوب شرق آسيا، أصبح تعزيز قدراتها الدفاعية ضرورة في ضوء العدوانية الصينية المتزايدة تجاه دول أخرى في المنطقة، مثل الفلبين، في المياه المتنازع عليها في بحر الصين الجنوبي، بالإضافة إلى أن هناك خلافات بين إندونيسيا والصين في بحر ناتونا، وهذه فرصة للهند لتعزيز وجودها في حديقتها الخلفية الممتدة عبر جنوب شرق آسيا.

في ضوء ما سبق، من المُرجح  أن يشارك الرئيس الإندونيسي برابوو سوبيانتو في احتفالات يوم الجمهورية المقبلة في نيودلهي ضيفًا رئيسًا، ومن غير المرجح أن يسافر سوبيانتو إلى باكستان مباشرة بعد انتهاء زيارته إلى الهند، ولكن من الممكن الذهاب لزيارة دولة ثالثة، أو تأجيل الزيارة إلى يوم لاحق؛ في محاولة لمنع الحساسيات مع الهند، خاصةً بعدما أثارت نيودلهي هذه المسألة مع جاكرتا، وقد سبق أن ألغى الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما في عام 2010 خطته لزيارة إسلام آباد بعد زيارته لنيودلهي بعد إعلامه بحساسيات الهند.

ما ورد في المقال يعبر عن رأي الكاتب، ولا يعبر بالضرورة عن رأي هيئة التحرير.


شارك الموضوع