إستراتيجيات عسكرية

ضرب إسرائيل بالفرط صوتي.. تحول إستراتيجي في الشرق الأوسط


  • 16 يونيو 2025

شارك الموضوع

ما انتظرته الليلة قبل الماضية وقع الليلة الماضية، مع أنني كنت متشككًا في إمكانية وقوعه: إيران ضربت إسرائيل بصاروخ فرط صوتي يحمل رأسًا حربيًّا شديد التدمير، لم ولن تتمكن القبة الحديدية من اعتراضه. لم يكن هو الصاروخ الوحيد الذي استخدمه الجيش الإيراني أمس في استباحة أراضي الكيان بهذا الشكل للمرة الأولى منذ زرعه كنبت شيطاني في قلب المنطقة، لكنه سيكون -في رأيي- التحول الإستراتيجي الأبرز- حتى اللحظة الحالية من التطورات.

إن ما نتابعه جميعًا منذ ثلاثة أيام، لا يمكن وصفه إلا بأنه واحدة من أخطر مراحل التصعيد الإقليمي، بل أخطر من الحرب الروسية الأوكرانية، بسبب تراجع صوت العقل عند طرفي صراعه، هذه المرحلة هي أخطر مراحل التصعيد بين إيران وإسرائيل، سقطت كل الأقنعة بعد انتقال الصراع إلى مواجهة مباشرة استخدمت فيها الطائرات الحربية، والصواريخ الباليستية، بالإضافة إلى المسيرات. مئات القتلى والجرحى من الطرفين يسقطون، وهنا وهناك تتضرر وتتهدم البنية التحتية الحيوية للطرفين، فضلًا عن المباني المدنية.

ولنبدأ بما لدينا من معطيات حتى اللحظة نعتمد عليها فيما سنقول:

– إسرائيل نفذت أكثر من 100 غارة جوية على منشآت نووية وعسكرية إيرانية، وأوقعت أكثر من 100 قتيل، بينهم قادة كبار، وقد أشرت إلى ذلك سابقًا وكلنا نقرؤه ونسمعه الآن.

– إيران أطلقت أكثر من 150 صاروخًا و100 مسيرة على عمق المدن الإسرائيلية، ما تسبب حتى الآن في مقتل 10 مدنيين وإصابة أكثر من 300 آخرين، واختفاء 35، وذلك حسب الرواية الإسرائيلية الرسمية، التي ليس لديَّ سواها الآن أعتمد عليها مصدرًا للمعلومات.

– سعر برميل النفط قفز إلى 100 دولار للبرميل، ويزيد، وسوف يزيد مع استمرار المواجهة الساخنة، وفي حالة إغلاق مضيق هرمز. وارتفعت أيضًا المخاطر الأمنية في الخليج والبحر الأحمر.

– الوساطات الدولية انهارت، ومبادرة عُمان أُلغيت، والاتصالات الأمريكية الإيرانية في حكم الميت الآن.

وبناء على هذه المعطيات، يمكن تقديم التقييم العسكري التالي:

– الاتجاه العام الآن يشير إلى استمرار تبادل الضربات دون انزلاق فوري إلى حرب شاملة.

– احتمال دخول حلفاء إيران (ومنهم الحوثيون، وحزب الله) ما زال قائمًا، لكنه مشروط برد الفعل الإسرائيلي.

– التقديرات المحترمة التي قرأتها حتى الآن استنتجت منها أن التصعيد التكتيكي سوف يستمر من عشرة أيام إلى أسبوعين، إن لم يحدث طارئ ومتغير بالغ الخطورة.. وكل شيء الآن جائز.

الموقف الروسي

 من واقع متابعتي، يمكن تلخيص الموقف الروسي فيما يلي:

– الكرملين يوازن بين دعم إيران تقنيًّا وسياسيًّا والحفاظ على العلاقة الأمنية مع إسرائيل.

– موسكو تحاول التوسط لتحقيق -ولو على الأقل- تهدئة جزئية، ويبدو لي أنها سوف تدفع نحو عقد قمة طارئة في سوتشي، أو في عاصمة من عواصم آسيا الوسطى؛ انطلاقًا من حفاظها على علاقات مع طرفي النزاع، في تنافس مع تركيا التي تحاول أداء هذا الدور الآن.

 الصمت الصيني

من واقع متابعتي يمكن حصر الموقف الصيني فيما يلي:

– موقف ضعيف وغير فاعل، على الأقل حتى الآن؛ فبكين تكتفى بعبارات فضفاضة، ودعوات عامة لضبط النفس؛ لأنها تخشى طبعًا على إمددات الطاقة، لكنها مع ذلك لم تقدم -حتى الآن- مبادرة سياسية حقيقية.

وبناء على معطيات اليوم 15 يونيو 2025 (الساعة 8:30 صباحًا بتوقيت موسكو)، أتوقع ما يلي:

– سوف يستمر التصعيد، لكنه سيظل محدودًا ويسبق تهدئة هشة، حيث سيرغب كل طرف من الطرفين في جرد حساب سريع للخسائر.

– تثبيت خطوط ردع جديدة، خاصةً بعد دخول الفرط صوتي الإيراني، ودون تسوية طبعًا للملف النووي الإيراني.

– الدور الروسي -في رأيي- مرشح أكثر من التركي للترسخ وسيطًا ميدانيًّا فاعلًا، في مقابل تراجع النفوذ الأمريكي، على الأقل مؤقتًا، فإيران لن تثق أبدًا بترمب الآن.

ما ورد في المقال يعبر عن رأي الكاتب، ولا يعبر بالضرورة عن رأي هيئة التحرير.


شارك الموضوع