تقدير موقف

ترمب يعلن الحرب العالمية على تنظيم الإخوان المسلمين


  • 27 نوفمبر 2025

شارك الموضوع
i مصدر الصورة: washingtonpost

في 24 نوفمبر (تشرين الثاني)، بدأ الرئيس الأمريكي دونالد ترمب عملية تهدف إلى تصنيف بعض فروع جماعة الإخوان المسلمين منظمات إرهابية أجنبية. ومع أن جماعة الإخوان منظمة عالمية، بما في ذلك وجودها داخل الولايات المتحدة، فإن هذا القرار يخصّ -تحديدًا- الفروع الموجودة في لبنان والأردن ومصر، التي تشارك في العنف، أو تسهّله، أو تدعمه، وفي حملات زعزعة الاستقرار التي تضر مناطقها، ومواطني الولايات المتحدة ومصالحها.

ومع ذلك، فإن الصياغة الدقيقة لبيان البيت الأبيض تفتح الباب أمام احتمال شمول الفروع المحلية مستقبلًا: “… أي فروع لجماعة الإخوان المسلمين أو تقسيماتها الأخرى، ومنها تلك الموجودة في لبنان والأردن ومصر، منظمات إرهابية أجنبية”. ويركّز القرار على قطع شبكات التمويل التي تدعم الإرهاب.

لطالما عانى الأردن، الحليف الرئيس للولايات المتحدة، الذي تجمعه معاهدة سلام مع جارته إسرائيل، هجمات وعنفًا وعدم استقرار بسبب جماعة الإخوان المسلمين. ويأتي مرسوم ترمب ردًا على تمويل قادة الإخوان المسلمين في الأردن حركة حماس والفرع اللبناني للجماعة المعروف باسم “الجماعة الإسلامية”، واصطفافهم مع حماس وحزب الله في حربهما مع إسرائيل.

كما يُتهم أحد قادة الإخوان المسلمين في مصر بالدعوة إلى شنّ هجمات عنيفة ضد الولايات المتحدة وحلفائها ومصالحها خلال الحرب الإسرائيلية على غزة.

وقال البيت الأبيض: “الرئيس ترمب يواجه الشبكة العابرة للحدود لجماعة الإخوان المسلمين، التي تغذي الإرهاب وحملات زعزعة الاستقرار ضد مصالح الولايات المتحدة وحلفائها في الشرق الأوسط”.

وبالإضافة إلى تجريم تقديم أي دعم مادي للجماعة، سيحظر القرار دخول الأعضاء الحاليين والسابقين إلى الولايات المتحدة، كما سيتيح فرض عقوبات اقتصادية لقطع شبكاتهم المالية.

وللإخوان المسلمين فروع في جميع أنحاء الشرق الأوسط، تتخفّى في صورة أحزاب سياسية ومنظمات اجتماعية.

وقد تجد منظمات أو ناشطون مسلمون أمريكيون أنفسهم تحت التدقيق بعد هذا القرار، إذا وُجهت إليهم اتهامات بعلاقات مع جماعة الإخوان المسلمين، أو بالتبرع لمؤسسات خيرية مرتبطة بها.

وشهدت الولايات المتحدة محاكمات واتهامات كثيرة تتعلق بمنظمات إسلامية متهمة بالارتباط بجماعة الإخوان المسلمين.

كما صنّف حاكم تكساس الجمهوري، غريغ أبوت، كلاً من جماعة الإخوان المسلمين، ومجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية (CAIR) “منظمات إرهابية أجنبية، ومنظمات إجرامية عابرة للحدود”. ويُعدّ مجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية (CAIR) جهة مرتبطة بجماعة الإخوان وفقًا لتحقيقات قانونية.

وبحلول عام 2012، كانت مدينة هيوستن تضمّ أكبر جالية مسلمة في تكساس، وفي جنوب الولايات المتحدة بكامله.

السناتور عن ولاية تكساس تيد كروز، وهو جمهوري، قدّم تشريعات سابقة أربع مرات لحظر جماعة الإخوان المسلمين. وفي يوليو (تموز)، قدّم مشروع القانون الحالي S.2293 “قانون تصنيف جماعة الإخوان المسلمين منظمة إرهابية لعام 2025″، ضمن الكونغرس الـ119 (2025- 2026). وقد قُرئ المشروع مرتين، وأحيل إلى لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ.

وانضمّت السناتور آشلي مودي إلى كروز في تقديم المشروع، وقالت: “إن قانون تصنيف جماعة الإخوان المسلمين منظمة إرهابية هو تشريع بَدَهي سيُعلن أن جماعة الإخوان -وهي جماعة معروفة بالدعوة إلى الكراهية الواسعة النطاق ضد المسيحيين واليهود وغيرهم من الجماعات الدينية- منظمة إرهابية أجنبية”.

وقال السناتور تيد كروز: “إن جماعة الإخوان المسلمين منظمة إرهابية، وهي تقدّم دعمًا لفروع أخرى من الجماعة تُعد بدورها منظمات إرهابية. ومن بين تلك الفروع حركة حماس. وقد صنّف حلفاؤنا في الشرق الأوسط وأوروبا الجماعة بالفعل منظمة إرهابية، ويجب على الولايات المتحدة أن تفعل الشيء نفسه، وبسرعة”.

وقال النائب دياز- بيلارت: “لقد قدّمت اليوم مرة أخرى تشريعًا لتصنيف جماعة الإخوان المسلمين منظمة إرهابية أجنبية”.

يحظى مشروع كروز بدعم “FDD Action”، و”صندوق العمل التابع لمسيحيين متحدين من أجل إسرائيل”، و”اللجنة الأمريكية الإسرائيلية للشؤون العامة” (AIPAC)، و”التحالف اليهودي الجمهوري”.

وقال السناتور ريك سكوت: “الإخوان المسلمون شبكة إسلامية متطرفة ذات روابط عميقة بمنظمات متشددة، مثل حماس والدول الداعمة لها، مثل قطر وتركيا”.

وفي عام 2008، ذكر “معهد هدسون” -وهو منظمة بحثية تعزز القيادة الأمريكية من أجل مستقبل آمن وحُر ومزدهر- عن وجود جماعة الإخوان في الولايات المتحدة: “مع أن مختلف الجماعات الإسلامية تتخاصم بشأن التكتيكات، ويحمل بعضها العداوة لبعض، فإنها جميعًا تتفق على الهدف النهائي: عالم تحكمه الإسلاموية السياسية”.

وقد لا يدرك كثير من الأمريكيين، ومنهم مَن هم في مناصب حكومية، أن الإسلاميين يعارضون الحكم العلماني، إذ يؤمنون بأن القواعد والقوانين الإسلامية القائمة على القرآن والشريعة يجب أن تنظّم جميع جوانب المجتمع البشري.

وفي عام 2018، كتب “مشروع كلاريون” عن غسان العليشي، المدير التنفيذي لمؤسسة “الأرض المقدسة”. وقد حُكم على العليشي بالسجن 65 عامًا عام 2009؛ لتحويله 12 مليون دولار إلى حركة حماس. كما سُمّي “صندوق الاستثمار الإسلامي في أمريكا الشمالية” (NAIT) -وهو كيان منبثق عن جماعة الإخوان، ويمول المساجد في الولايات المتحدة- شريكًا غير مدان في المخطط.

وفي إحدى ضواحي ديترويت، يرتبط “المركز الثقافي الإسلامي” (ICA) بعدد من مجموعات الإخوان المسلمين. وأظهرت التحقيقات أن للمركز علاقات مباشرة مع “مجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية” (CAIR)، الذي سُمّي هو أيضًا شريكًا غير مدان في قضية تمويل الإرهاب الخاصة بمؤسسة الأرض المقدسة، إلى جانب NAIT.

كما شغل عاصم خان منصب رئيس فرع نيوجيرسي لـ”جمعية إحياء التراث الإسلامي بأمريكا الشمالية” (ICNA)، وهي مجموعة أخرى مرتبطة بجماعة الإخوان، وتروّج للهيمنة الإسلامية العالمية ومعاداة السامية. وقد حُدِّدَت (ICNA) كيانًا تابعًا للإخوان من خلال الأدلة المقدمة في محاكمة الأرض المقدسة.

ولقطر علاقة طويلة الأمد ومعقدة مع جماعة الإخوان المسلمين، إذ كانت قطر داعمًا قويًا للجماعة، مقدمةً لها الملاذ والدعم المالي والمنبر لنشر أفكارها، مما تسبب في توتر سياسي مع دول مثل السعودية والإمارات اللتين تصنفان الإخوان منظمة إرهابية.

كما تُعدّ تركيا مركزًا رئيسًا للحركات الإسلامية، إذ يحافظ حزب العدالة والتنمية الحاكم على علاقات وثيقة مع شبكة الإخوان العالمية، وخصوصًا بدعم من قطر. وتشمل هذه العلاقة دعم جماعات مثل حماس، وتبنّي موقف “مؤيد للإخوان” ضمن السياسة الخارجية لتركيا؛ مما تسبب في عزلة إقليمية، واحتكاكات داخلية.

أما كتاب “خدعة الربيع العربي.. كيف خدعت جماعة الإخوان المسلمين واشنطن في ليبيا وسوريا”، للكاتب السياسي الأمريكي وخبير مكافحة الإرهاب جون روسوماندو، فقد كشف العلاقة بين الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما وجماعة الإخوان.

وكتب روسوماندو: “لم يدرك كثيرون مدى التغيير الجذري الذي أحدثته إدارة أوباما في سياسة الحكومة الأمريكية تجاه الإخوان، إلا عندما استولت أحزاب الإخوان المدعومة من الولايات المتحدة على السلطة في مصر وليبيا وسوريا”.

وقد فصّل الكتاب التغييرات التي أحدثتها إدارة أوباما، وأظهر كيف ساعدت الجماعة في الوصول إلى السلطة في مصر وليبيا وسوريا.

وتشمل الدول التي صنّفت جماعة الإخوان المسلمين منظمة إرهابية وحظرتها كلًا من: النمسا، وروسيا، والبحرين، ومصر، والسعودية، والإمارات العربية المتحدة.

وبينما يرى البعض أن مرسوم ترمب يركز على الجماعات الأجنبية، فإن كثيرين -مثل كروز وأبوت- يرون التهديد الذي تمثله منظمة عالمية ذات موارد مالية كبيرة تعمل بحرية داخل الولايات المتحدة. وبينما يُعدّ الإسلام دينًا متوافقًا مع القيم الأمريكية، فإن النسخة السياسية من الإسلام التي يتبناها أتباع الإخوان المسلمين لا تتوافق معها؛ فالديمقراطية غير منسجمة مع منصة الإخوان المسلمين.

ما ورد في المقال يعبر عن رأي الكاتب، ولا يعبر بالضرورة عن رأي هيئة التحرير


شارك الموضوع