“ترامب سيوقف روسيا قبل تحقيق النصر الكامل”، هذا ما يتنبأ به سيرغي كاراغانوف، رئيس مجلس السياسة الخارجية والدفاعية، وهو مركز تحليلي مؤثر مقرب من الكرملين. كاراغانوف، المعروف بمواقفه المتشددة تجاه الصراع في أوكرانيا، دعا قبل عام إلى استسلام كامل لكييف وحلفائها. اليوم، تبدو مواقفه مختلفة قليلًا، وإن كانت ثابتة ولم تتغير فيما يخص القضايا الجوهرية: “لا وقف لإطلاق النار دون نزع سلاح أوكرانيا، وضمان حيادها”، وهو ما عبر عنه في حوار خاص مع صحيفة لا ستامبا (La Stampa) الإيطالية، تولت “وحدة الرصد والترجمة” بالمركز ترجمته؛ لما فيه من أهمية.
هل نحن قريبون من نهاية الصراع في أوكرانيا؟
مع الأسف، ليس بعد. أعتقد أن الحرب ستستمر بضعة أشهر أخرى، ولكن الوضع تحسّن، بإمكاننا التوصل إلى اتفاق. ترامب قد يوقفنا قبل تحقيق النصر الكامل.
ما الذي تقصده؟
كان بإمكاننا أن نتوقف بعد القضاء الكامل على النظام النازي في كييف، أو كسر إرادة النخب الأوروبية المهووسة. الآن، هناك أخيرًا فرصة لوقف هذه الحرب، ويجب استغلالها، شريطة ضمان أن ما سيبقى من أوكرانيا سيكون منزوع السلاح تمامًا، ودولة محايدة. في الوقت الحالي، يبدو أن عملية “اجتثاث النازية” لم تعد ممكنة مع الأسف.
كثيرون في روسيا يرون في اقتراح وقف إطلاق النار المشترك بين الولايات المتحدة وأوكرانيا فخًا يسمح للقوات الأوكرانية بإعادة تنظيم صفوفها. هل تعتقد أن بوتين قد يوافق على ذلك؟
آمل ألا تقع قيادتنا مجددًا في هذا الفخ. نرغب في وقف القتال بأسرع ما يمكن، لكننا لن نتخذ أي قرار ما لم يكن هناك أساس لسلام دائم ومستقر، قائم على: “نزع سلاح أوكرانيا، وضمان حيادها”. كذلك، نحتاج إلى منطقة منزوعة السلاح على طول الحدود الجديدة، وينبغي أن تضم مراقبين من الهند والصين وباكستان ودول أخرى، لا الأوروبيين المسؤولين عن إشعال هذه الحرب.
في مقال حديث، قلت إن النخب الأوروبية الحالية بحاجة ماسة إلى هذه الحرب. لماذا؟
لأنهم يفشلون في كل شيء؛ من عدم المساواة الاجتماعية إلى السياسات البيئية والهجرة. وهم يحاولون التغطية على إخفاقاتهم بالحرب.
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قال إن روسيا تمثل تهديدًا حقيقيًّا لأوروبا. هل تستبعد أن تهدد موسكو دولًا أخرى بعد أوكرانيا؟
أشعر بالأسف تجاه فرنسا، التي كانت يومًا ما أمة عظيمة، واليوم لديها هذا القائد. وحدهم الحمقى يمكنهم القول إن روسيا ترغب في مهاجمة أحد. لقد قلنا على مدى 27 عامًا إن اندماج أوكرانيا في الناتو سيؤدي حتمًا إلى حرب. تجاهل الغرب هذا التحذير، وها هي الحرب قد اندلعت. لم نكن نريدها.
وزير الخارجية سيرغي لافروف صرح بأن روسيا لا تهتم بالأراضي الأوكرانية في ذاتها؛ بل بحماية الروس المقيمين فيها. بالنظر إلى وجود جاليات روسية كبيرة في مولدوفا ودول البلطيق، ألا يمكن أن تصبح هذه المناطق أهدافًا محتملة؟
أولويتنا هي الأمن. قلت مرارًا لجيراننا البؤساء في البلطيق إن أفضل طريقة لضمان أمنهم هي بعلاقات طيبة مع روسيا.
هل أصبحت أمريكا بقيادة ترمب شريكًا لروسيا بقيادة بوتين؟
ترمب فعل ما ينبغي أن يفعله أي رئيس أمريكي: “يريد الخروج من هذه الحرب التي ستخسرها الولايات المتحدة على أي حال”، لكنه ليس صديقنا، أمريكا قوية تعني منافسًا قويًّا.
ما ورد في المقابلة يعبر عن رأي الكاتب، ولا يعبر بالضرورة عن رأي هيئة التحرير.