أدب

أهمية المركز الثقافي الروسي في مصر


  • 26 مايو 2024

شارك الموضوع

مراحل ما قبل تأسيس المركز الثقافي الروسي

بداية العلاقات الروسية المصرية

بدأت العلاقات الروسية المصرية خلال القرن العاشر الميلادي، عندما أرسل الأمير الروسي فلاديمير أول السفراء الروس إلى مصر عام 1001. كما بدأ الروس بزيارة مصر في إطار الحج الديني إلى المزارات المسيحية في فلسطين وسيناء. كان دير سانت كاترين المسيحي الأرثوذكسي، وكذلك جبل موسى، من بين الأماكن المقدسة التي زارها الحجاج الروس، وكان الروس يضطرون إلى المرور بالقاهرة للحصول على إذن كتابي بهذه الزيارة من ممثلية الدير. وقدم الأرشمندريت أجريفيني واحدة من أقدم الإشارات المكتوبة لمصر، يعود تاريخها إلى عام 1370. وابتداءً من القرن الخامس عشر، زاد عدد الحجاج الروس إلى مصر، وقد قدم بعضهم ملاحظات سفر فريدة ومتميزة عن أرض الأهرامات.

في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، أقامت روسيا ومصر علاقات دبلوماسية وثقافية وتجارية بسبب الطريق البحري المباشر الذي افتُتِحَ عام 1858 بين أوديسا والإسكندرية. وتميزت بداية القرن العشرين بتكوين أول جالية روسية في مصر. وفي عام 1920، وصلت خمس سفن روسية إلى ميناء الإسكندرية وعلى متنها نحو 4350 مهاجرًا كانوا فارين من ثورة أكتوبر الاشتراكية عام 1917. وفي خضم الحرب العالمية الثانية عام 1943، أقام الاتحاد السوفيتي ومصر علاقات دبلوماسية، وبعد ثورة مصر عام 1952، فتحت صفحة جديدة من العلاقات الثنائية وطرحت فكرة تأسيس المركز الثقافي الروسي . وبينما تطلق مصر سياسة التأميم ذات الأيديولوجية الاشتراكية جزئيًّا، تُعلَن الصداقة الإستراتيجية مع الاتحاد السوفيتي. وتنظر موسكو إلى مصر بوصفها شريكها الرئيس في المنطقة.

بداية تأسيس المركز الثقافي الروسي

تزامن هذا التعاون السياسي مع نشاط ثقافي كبير، تكلل بتأسس المركز الثقافي الروسي في القاهرة عام 1956، ويقدم دورات في اللغات، وعلوم الكمبيوتر، والفنون. كما يعرض في أمسيات فنية أفلامًا كلاسيكية ومعاصرة مترجمة إلى اللغتين الإنجليزية والعربية، كما يضم مقر المركز (في الدقي- القاهرة) مكتبة ضخمة تحتوي على ما يقرب من (12) ألف مجلد تغطي تخصصات الفنون، والعلوم، والأدب. ويؤدي المركز بفرعيه في القاهرة والإسكندرية دورًا كبيرًا في التجسير الثقافي بين روسيا ومصر، لا سيما أن العلاقات السياسية والثقافية والدينية بين البلدين تمتد جذورها عميقًا في التاريخ، خاصةً أن المصريين لديهم محبة استثنائية للروس، وقد أشار الكاتب والمترجم الروسي نيكولاي بيرج إلى أن المصريين يحبون الروس كثيرًا، وليس مثل الأوروبيين، ويرجع ذلك أساسًا إلى أن سلوك الروس تجاههم أبسط وأكثر إنسانية.

يتدفق اليوم مئات من الدارسين للثقافة الروسية المتجذرة عميقًا في الوجدان المصري، لا سيما أنها شكلت جزءًا حيويًّا من الثقافة المصرية، وأدّت كتابات الأدباء الروس، مثل: تولوستوي، وغوغول، وتشيخوف، ودوستويفسكي، دورًا في الفن والأدب المصري، وأُنتِجَ العشرات من الأفلام والمسرحيات والأعمال الروائية والقصصية المبنية على أفكارهم. ولم يغيب الروس أيضًا عن مجال الموسيقى؛ حيث قُدِّمَ الباليه الروسي في دار الأوبرا المصرية، إذ قدمت فرقة دياجالييف عروضًا لأشهر الأعمال الكلاسيكية في القاهرة والإسكندرية، بالإضافة إلى شهرة أعمال رحمانوف وتشايكوفسكي الموسيقية في أوساط المثقفين المصريين، والمهتمين بالموسيقى.

يؤدي المركز الثقافي الروسي حاليًا- بإدارة مراد جاتين- دورًا مهمًّا بوصفه حلقة وصل بين شعبين تربط بينهما علاقات محبة تاريخية، وقد انعكس هذا على المجال السياسي، وتجلى في اللقاءات المتكررة بين رئيسي البلدين الرئيس فلاديمير بوتين والرئيس عبد الفتاح السيسي، لا سيما أن موسكو كانت دائمًا إلى جوار القاهرة في أغلب محطاتها التاريخية، وهذا يفسر شعبية القيادات الروسية في الأوساط الشعبية المصرية؛ فقديمًا رُفعت صور القيادة من ستالين وخرتشوف وصولًا إلى بوتين، الذي يميل المزاج العام الثقافي والشعبي لتأييده؛ لذا من المهم أن يستمر المركز الثقافي الروسي في عمله المميز، ويتوسع فيه؛ للحفاظ على تاريخية العلاقة بين شعبي مصر وروسيا واستثنائيتها.


شارك الموضوع