القضايا الاقتصاديةوحدة الدراسات الصينية

القيود على المعادن النادرة تظل في مكانها الصحيح


  • 17 مايو 2025

شارك الموضوع

على الرغم من الجهود الكبيرة التي بذلتها الولايات المتحدة لتنويع مصادرها من المعادن النادرة، والموارد المعدنية الإستراتيجية الأخرى، فإنها لا تزال تعتمد على الصين، أكبر منتج ومصدر للمعادن النادرة في العالم، لتلبية احتياجاتها.

أثارت المناقشات الأخيرة بشأن احتمال تعديل الصين لسياسات تصدير المعادن الإستراتيجية اهتمامًا عالميًّا، لكن السلطات الصينية أوضحت أن القيود الحالية ستستمر. وأكد المتحدث باسم وزارة التجارة، يوم الأربعاء الماضي، للصحفيين، أن مكتب آلية التنسيق الوطنية لمراقبة الصادرات قد عزز الرقابة على سلسلة التوريد الكاملة لصادرات المعادن الإستراتيجية، مع التركيز على الالتزام بالقوانين وممارسات التجارة المشروعة. وعقد المكتب اجتماعًا خاصًا، يوم الاثنين، في مدينة تشانغشا بمقاطعة هونان لوضع الإجراءات ذات الصلة لسد الثغرات في التدفق غير القانوني للمعادن الإستراتيجية.

يتضمن نظام الرقابة الشامل مراقبة صارمة لعمليات التعدين والصهر والمعالجة والنقل والتصنيع والبيع والتصدير للمعادن الإستراتيجية. ومن المتوقع أن تسرع الحكومات المحلية في تسجيل المؤسسات المرتبطة بالمعادن الإستراتيجية في مناطقها، وتضمن تنفيذ إجراءات المراقبة وفقًا للمتطلبات.

منذ أن فرضت الصين قيودًا على تصدير معادن إستراتيجية، مثل الغاليوم، والجرمانيوم، والأنتيمون، والتنجستين، والمعادن النادرة المتوسطة والثقيلة، حاولت بعض الجهات الأجنبية -بالتواطؤ مع عناصر محلية غير قانونية- تغيير أساليب التهريب باستمرار لتفادي القيود المفروضة على التصدير. وأشارت السلطات إلى أن تطور أساليب الالتفاف على هذه السياسات استدعى تشديد الرقابة. وتتماشى هذه الخطوات مع الجهود الرامية إلى توحيد ممارسات التجارة الدولية.

بينما ربطت بعض التحليلات الأجنبية هذه الإجراءات بتطورات التجارة العالمية الأخيرة، فإن إجراءات الصين تهدف إلى حماية الموارد والمصالح الوطنية، وتعكس إستراتيجية طويلة الأمد لتعزيز الأمن، وتحفيز التنمية المستدامة.

أعربت الولايات المتحدة عن قلقها إزاء تأثير هذه القيود في صناعات تتراوح من الدفاع إلى الطاقة المتجددة؛ نظرًا إلى الدور المهيمن للصين في معالجة المعادن النادرة، حيث تتم عمليات صهر ومعالجة أكثر من 90% من هذه المعادن في الصين.

لكن على الولايات المتحدة أن تُراجع نفسها إزاء المأزق الذي صنعته بنفسها، فالصين لديها كل الأسباب لفرض هذه القيود في ظل المقاطعات والعقوبات القاسية التي تفرضها الولايات المتحدة وحلفاؤها عليها في جميع القطاعات الإستراتيجية تقريبًا.

كشفت الصين في يونيو (حزيران) الماضي عن لوائح تعزز إدارة المعادن النادرة، دخلت حيز التنفيذ في أكتوبر (تشرين الأول)، وتحدد عقوبات على الأنشطة غير القانونية في مجالات التعدين والصهر والاستخراج، وتوزيع المنتجات، فضلًا عن عمليات الاستيراد والتصدير غير المشروعة. كما أعلنت الصين في 4 أبريل (نيسان) الماضي عن تشديد إجراءات مراقبة الصادرات على بعض المواد المرتبطة بسبعة أنواع من المعادن النادرة المتوسطة والثقيلة، وذلك بعد أن رفعت الولايات المتحدة تعريفاتها العقابية على البضائع الصينية إلى مستويات فاحشة.

إن تعليق الصين إجراءات “الكيان غير الموثوق به” ضد عشرات الكيانات الأمريكية 90 يومًا، بدءًا من يوم الأربعاء الماضي، يتماشى مع الإجماع الذي تم التوصل إليه خلال المحادثات التجارية بين الصين والولايات المتحدة في جنيف، ويعكس صدق الصين في تحسين العلاقات الثنائية. وهذه الخطوة تعني أن الصين قد وسعت فعليًّا وصول الكيانات الأمريكية إلى معادنها ذات الاستخدام المزدوج خلال تلك الفترة، لكن على هذه الكيانات الأمريكية أن تلتزم بالسلوك الجيد خلال فترة الـ 90 يومًا لتثبت أنها لا تنوي تحدي الخطوط الحمراء للصين.

يجب أن يكون واضحًا لجميع الدول أنه ما دامت الكيانات لا تنخرط في أنشطة تمس سيادة الصين، أو أمنها القومي، أو مصالحها التنموية، فإن إجراءات مراقبة الصادرات لن تؤثر في عملياتها التجارية، وأنشطتها الطبيعية، فضلًا عن استقرار الصناعات الدولية وسلاسل التوريد وسلامتها.

ومثل أي دولة أخرى، لن تسمح الصين أبدًا لمن يأكل من إنائها أن يكسر هذا الإناء.

المصدر: صحيفة الصين اليومية (China Daily) الصينية


شارك الموضوع