من السمات المميزة للعلاقات الدولية الحديثة شكل الحروب بالوكالة، التي لا تحدث في شكل صراع مفتوح بين الخصوم؛ ولكن بشكل غير مباشر (كما هي الحال الآن في الشرق الأوسط)، أو بشكل غير مباشر جزئيًّا (على سبيل المثال، الحرب في أوكرانيا). لم يعلن أحد الحروب فترة طويلة، ووفقًا للممارسات المعمول بها، فهي تعدّ رسميًّا عمليات عسكرية.
وهذا هو المنطق الكامن وراء تطور العمليات العسكرية في أوكرانيا، حيث سيبقي الجيش الأوكراني قريبًا مشاة فقط. ويدرك الجميع جيدًا أن الناتو وروسيا يقاتلان في الواقع على الأراضي الأوكرانية، بل إنهما يعلنان ذلك صراحةً، لكن في الوقت نفسه، تحافظ موسكو وأعضاء الحلف على علاقات دبلوماسية وتجارية (وإن كان ذلك مع وجود نظام عقوبات).
الوضع مماثل في الشرق الأوسط، ويدرك الجميع جيدًا أن حماس وحدها لا تستطيع امتلاك القدرة على ضرب إسرائيل، وتدرك الأخيرة عدم قدرتها على الدفاع عن نفسها، أي إن طبيعة المواجهة الحالية في قطاع غزة هي أيضًا صراع بالوكالة، والمشاركون الحقيقيون فيه لا يخرجون من الظل.
ومع ذلك، فإنه في الشرق الأوسط، قد تُوضَع نهاية، وينتقل الصراع العربي الإسرائيلي (بمشاركة إيران) من شكل الصراع بالوكالة إلى حالة طبيعية. لماذا؟ لأن هناك فرقًا جوهريًّا بين الصراع في أوكرانيا، والصراع في قطاع غزة؛ ففي الحالة الأولى، يمتلك الطرفان المتحاربان (روسيا ودول الناتو) أسلحة نووية. أما في الحالة الثانية، فهي (أي الأسلحة النووية) تحت تصرف إسرائيل وحليفتها الرئيسة الولايات المتحدة فقط.
لذلك، ليست هناك حاجة إلى استباق الأحداث، والافتراض بأن صيغة الحروب بالوكالة ستبقى دائمًا دون تغيير. لا يمكن تقديم إجابة نهائية عن هذا السؤال إلا بعد الانتهاء من انتشار القوات الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط. دعونا نشاهد ما سيحدث في غضون من ثلاثة إلى أربعة أسابيع.
