“هل يجب أن نؤمن بأن البشر مذنبون؟ وأنهم مسؤولون- وحدهم- عن شرورهم؟ لقد وُهبت لهم الجنة، لكنهم آثروا أن ينالوا حريتهم، ويسرقوا النار من السماء”.
هكذا، وبإحالات كثيرة، يتجلى المشترك في تعقد تجربة الإنسان- بصفته إنسانًا- بما فيها من تقاطعات مصير، وإكراهات واقع، وحتميات صراع في أدب دوستويفسيكي.
تدور أحداث رواية “الإخوة كارامازوف” في طبقتها السطحية حول جريمة قتل، ولكن قتل مَن؟ قتل الأب! وهذا ما ينتقل بالرواية إلى طبقات أعمق في مساءلة واختبار حرية الإرادة والحقيقة والوهم والجريمة والعدالة والإيمان والكفر والغريزة والضمير والعقل والصراع والمصير في التجربة الإنسانية.
وقد استخدم الكاتب أسلوبًا سرديًّا متلصصًا، تلصصًا ذهنيًّا ونفسيًّا وشعوريًّا على الشخصيات، وبتدخلاته الشخصية في سرد الأحداث أتاح للقارئ شعورًا، وكأنه يتابع نقلًا حيًّا للأحداث؛ مما أضفى شعورًا بالأُلفة، وكأن الكاتب يحكي لك أنت نفسك، وأحيانًا شعورًا بالهيبة، وكأنه يحكي لك أنت نفسك عنك أنت نفسك، فالإخوة الأربعة هم نحن، هم الإنسان فردًا، ومجتمعًا، وأمةً، ونوعًا، مراحل في تجربتنا الفردية، والمجتمعية، والأممية، والإنسانية.
في رحاب الحوار لدى دوستويفسيكي تتحدث الشخصيات لا كما يتحدث الناس؛ بل كما تتحدث طبيعتهم المجردة، وبتأمل الحوار قد تسمع جليًّا صوت رغباتهم الفطرية، وميلهم البدائي إلى التمزق، رغبة في التمزق نفسه، وكأنه قوة جذب لا تُقاوم لإعادة الأمور، كل الأمور إلى ما كانت عليه، إلى ما قبل الوجود ذاته.
تقع أحداث الرواية الرئيسة في ثلاثة أيام، وبقدرة الكاتب على التكثيف الزمني قد أحالها دهرًا، ولعل لذلك علاقة بأنها روايته الأخيرة، إذ نشر آخر فصولها في مجلة “الرسول الروسي” قبل رحيله في 9 فبراير (شباط) 1881 بأشهر قليلة، وهي مجلة روسية تأسست عام 1856، وكانت معنية بنشر الأعمال الأدبية والثقافية المهمة، لتُعد المنتدى الثقافي الأهم في روسيا في منتصف القرن التاسع عشر ونهاياته، وقد نشرت المجلة أعمالًا لتولستوي، وتشيخوف، ودوستويفسيكي الذي نشر فيها فصول رواية الأخوة كارامازوف على مدى عام من نوفمبر (تشرين الثاني) 1879، حتى نوفمبر (تشرين الثاني) 1880.
ومن خلال تبحر متكرر في وجدان الشعب الروسي على لسان الشخصيات أحيانًا، وأحيانًا على لسان السارد، نتابع في الرواية خريطة سياسية واجتماعية وفكرية وثقافية حية لواقع روسيا القرن التاسع عشر، ونشهد ذلك في غير موضع، إذ يشير الكاتب مثلًا إلى حركة الليبراليين الراديكاليين التي انتشرت أفكارها بين النخبة الروسية في أعقاب ما يُعرف بـ”الربيع الأوروبي”، فيقول في تقديمه لخال إيفان الذي أولى الأخيرَ الرعاية والاهتمام بديلًا عن أبيه: “لقد كان ليبراليًّا على طراز 1840- 1850″، وقد تأثر أصحاب هذا الاتجاه بالليبرالية الفرنسية الراديكالية بعد ثورة فبراير (شباط) 1848، وفي الإطار نفسه يطرح الكاتب قضية “فصل الدين عن الدولة” التي شغلت الرأي العام الروسي آنذاك بطرح مقال لكاتبه إيفان عن “القضاء الإكليريكي”، يعارض تدخل رجال الدين في قضايا الأحوال الشخصية، وبالفعل أجرت روسيا عام 1864 إصلاحات قضائية، أسست بموجبها منظومة قضائية بقانون مدني مستقل، أُلغيت به العقوبات الجسدية في محاكم الدولة.
ويطرح الكاتب من خلال اعتراض الأب على بعض الممارسات الكنسية إشارة إلى ملة “الخلستيس”، وهي من أشد الفرق الدينية تطرفًا، وظهرت في روسيا في القرن السابع عشر، إذ يرى في طريقة الرهبان في الاعتراف بذنوبهم، بعضهم أمام بعض، ممارسات “خلستيسية” تلغي تفرد الإنسان، فيقول: “فمَن الشيخ على وجه التحديد؟ إنه إنسان يأخذ نفس المرء وإرادته وحريته، ويُدخلها إلى نفسه وإرادته، ويحتوي في ذاته جميع ما تجيش به نفوس مريديه من صبوات وأفكار”.
وفي إحالة في موضع آخر، يشير الكاتب إلى الإجراءات القمعية التي اتخذتها الإمبراطورية العثمانية ضد الحراك الوطني البلغاري، إذ يقول على لسان إيفان: “لقد قص عليّ بلغاريّ في الآونة الأخيرة بموسكو أن الأتراك والشراكسة يعمدون في بلاده بلغاريا إلى أنواع شديدة من القسوة، بُغية إرهاب الشعوب السلافية التي يخشون أن تثور عليهم ثورة عامة شاملة، فهم يحرقون القرى، وينهبون الأرزاق، ويذبحون السكان، ويغتصبون النساء والأطفال، ويسمّرون بعض السجناء من آذانهم بسياج فيدعونهم هناك طوال الليل، ثم يعودون إليهم في الصباح فيشنقوهم.. أمور تفوق الخيال!”.
كانت أوائل القرن التاسع عشر في بلغاريا عهدًا من النمو الاقتصادي، والتطور الاجتماعي، والاهتمام بالتعليم وحركة التنوير، ونماء الحس القومي؛ مما دفع باتجاه الثورة الوطنية البلغارية، ولقمعها اتخذت الإمبراطورية العثمانية كثيرًا من الإجراءات القاسية، من بينها: تقييد بناء المدارس، وفرض قواعد صارمة على المناهج التعليمية، وقمع اللغة والثقافة البلغارية بترويج اللغة التركية والدين الإسلامي، وفرض الضرائب الباهظة، وإجراءات قمعية عسكرية قاسية، من بينها ما ذكره الكاتب على لسان إيفان، ورغم كل هذه الإجراءات، استمر الحراك الوطني البلغاري يزداد قوة حتى أدى إلى ثورة أبريل (نيسان) 1862 التي تُوجت بانتزاع بلغاريا حقها في الاستقلال والتحرير.
وفي عموم النص نقرأ نقدًا اجتماعيًّا لاذعًا، ففي مشهد المحاكمة- بما يمثله مشهد المحاكمة في العقل الجمعي البشري من مشهد للنهاية، يوم يحق الحق، ويبطل الباطل- حاكم الكاتبُ الجميعَ؛ الأب، والإخوة، والأسرة، والمجتمع، والشعب.
وبعد ما يقارب المئة عام من نشر الرواية، وتحديدًا في أكتوبر (تشرين الأول) 1974، كان العرض الأول للفيلم المصري “الإخوة الأعداء”، المقتبس من رواية “الإخوة كارامازوف”، من إخراج حسام الدين مصطفى، سيناريو وحوار المسرحي السوري والناقد العربي وأستاذ السيناريو في معهد السينما المصري رفيق الصبان، واللبنانية المصرية الحائزة وسام الأرز من رتبة فارس نبيهة لطفي، بالاشتراك مع المخرج حسام الدين مصطفى.
وهذا السياق الاجتماعي في الرواية، الذي لم يكن ترفًا، ولا جسمًا غريبًا منفصلًا عن النص؛ بل فاعلًا حركيًّا وعاملًا محوريًّا في خلق الشخصيات وتأسيس الدوافع، هو ما غُيّب تمامًا في الفيلم المصري رغم سماح، بل ضرورة، استدعائه في تركيب الشخصيات، وبنائها الدرامي.
ففي إطار هذا السياق الاجتماعي تتحرك الشخصيات، وتحيا، ومن خضم هذا الغليان الفكري تكتسب أفكارها، وتتراكم بنفوسها الدوافعُ، فالرواية رواية شخصيات بالأساس معنية بعلاقاتها بذواتها، وبالآخر، وبالوجود، والحدث في الرواية تصنعه الشخصية، وليس العكس، ولا يُصنع الحدث إلا بحتمية قوة دفع تراكمات الدوافع في النفوس. وعلى العكس من ذلك، لم يكن هناك عناية كبيرة بالشخصيات في الفيلم، بل كانت الفراغات في بنائها محسوسة إلى درجة كبيرة، وكانت الأولوية للحدث على الشخصية، وهو ما دفع المخرج إلى فرض إيقاع سريع، مما اضطره إلى فرض طابع حدثي على مواقف عابرة لا تستدعي كل هذا الدوران بالكاميرا، الذي أثر بدوره في جودة تعبير الممثل عن حالات شعورية قوية، كانت تستدعي التركيز عليه، لا البحث عنه في الكادر.
الشخصيات بين الرواية والفيلم
أولى شخصيات الرواية هي شخصية “الأب كارمازوف”، وهي تجسيدٌ حي لنزوع الغريزة إلى اللذة، وتفاديها الألم بأي طريقة. وبمشهد لكهل غارق في الملذات، يُقدَّم يحيى شاهين في الفيلم في دور الأب أرماني، وأعتقد أن هذه الشخصية المحورية قد اختُزلت نقديًّا في المشهد الشهير الذي يجمعه بابنه شوقي- الذي أدى دوره نور الشريف- يسأله فيه عن وجود الحياة الأخرى ليستقبل منه جوابًا نافيًا قاطعًا، ولكن اهتمام هذا الرجل بأمر الآخرة نابع من حب الدنيا نفسها، لا من قلق عَقَدي، هو يبحث عن خلود المتعة، وأبدية اللذة، وأنه- بشكل أو بآخر- سوف يعود إلى الحياة مجددًا.
وأما “ديمتري” فقد تصاعد الخلاف بينه وبين أبيه، بسبب التشابه الكبير حد التطابق بينهما، حتى وقوعهما في حب امرأة واحدة؛ هي “جروشنكا”، التي قدمت دورها نادية لطفي باسم “لولا”، بعد أن فُرغت مما تحمله جروشنكا من معاناة وتجارب لتتحول إلى “مدام لولا صاحبة البنسيون”، مع كل ما يتضمنه ذلك لدى المشاهد المصري، وقد وصل تعلق الأب أرماني بمدام لولا إلى هذا القدر من الهوس فقط بعد معرفته بعلاقتها بابنه “توفيق/ ديمتري” الذي أدى دوره- باقتدار- حسين فهمي، وكانت الشخصية الأكثر تطورًا وحيويةً في الفيلم، إذ يقولُ الأبُ لخادمه: “طالما فتح المعركة في الجبهة دي، هستخدم كل الأسلحة”، صراع ذكوري على حيازة امرأة واحدة، ومن الوارد، بل من الوارد جدًّا، أن يتصاعد الصراع إلى هذا المستوى من الدموية.
وأما “إيفان” فقد كان في الرواية معبرًا عن قطاع عريض من الأنتيلجنسيا الروسية آنذاك، ولكنه في الفيلم تحول إلى “ِشوقي”؛ مجرد شاب مثقف معتد بنفسه، منفصل عما كان يضغط إيفان، ويُثقل عليه من أفكار خلقت الداعي لهذا الاعتداد بنفسه، واحتقاره الجميع.
الأب لم يكن يحب شوقي؛ بل كان يعلم في قرارة نفسه أنه أخطر عليه من توفيق، فأنت تستطيع أن تقول عن هذا الأب ما شئت، لكنه لم يكن ساذجًا، فكراهية توفيق له كراهية عابرة؛ لأنه كان يقف عائقًا أمام إشباعه رغباته، أما شوقي فكان يحتقره لأنه هو، كان هذا الاحتقار راسخًا في قلبه، حتى لو أنعم عليه بماله كله، وإرادة شوقي الحقيقية كانت قتل الأب؛ لذلك نشاهد هذا الألم العميق الذي انتابه بعد علمه بوقوع الحادث، فالشقاق الذي حلّ بينه وبين العالم بسبب الطبيعة التفكيكية للفكرة دفعه إلى البحث عن عالم أكثر تناغمًا وأكثر ثراءً بالمعنى، لكنه اصطدم بفوضى أبيه، فأصبح مشلول الفكر والعمل، مشحونًا بإرادات نظرية ينزع فيها مسبقًا إلى الخطيئة، لكنه لا يملك الشجاعة الكافية لممارستها، ثم يحاسب نفسه عليها وكأن النزوع إلى الخطيئة خطيئة في ذاته، على عكس توفيق الممارِس لرغباته المُشبِع لأهوائه، فالرغبة تتمتع بحرية كبيرة مقارنة بعملية التفكير التي تبنر الحياة مخرجاتها دون هوادة، فالواقع يمتلك شكلًا من الصدمة يجعلنا نعجز عن معالجته بالعقل، ولا يُعالج الواقع بالعقل إلا عندما يصبح ذكرى، يُضفى عليها من التناغم ما يُضفى على معطيات مسألة رياضية ما يجعلها قابلة للحل، وهذا هو الفرق الجوهري بين توفيق الحر في سجنه، وشوقي المسجون خارج الأسوار.
أما “أليوشا” فيمثل فلسفة الدين والحب كطريقة وحيدة للتعامل مع الآخرين، وقد تغيرت شخصية أليوشا في يوم واحد، هذا التغير الذي لا يعود فيه الإنسان إلى نفسه- نفسها- مرة ثانية، لكن أحمد في الفيلم ظل أحمد الذي أدى دوره سمير صبري كما هو، ولم تظهر النزعة الدينية لديه في الفيلم كما كانت مُركّبًا أصيلًا في تكوين أليوشا في الرواية، بل ظهر شابًا طيبًا ومحل ثقة من الجميع، وهذا الثقة اكتسبها أليوشا كمنصة اعتراف للجميع في المدى المثالي الأرفع للبُعد المسيحي، أما أحمد فقد اكتسب هذه الثقة بلا أي داعٍ درامي؛ اكتسبها لأن المخرج يريد ذلك.
وأما “سمردياكوف” فعندما يقدمه الكاتب يقول: “ولو سألته في تلك اللحظة عما كان يفكر فيه لما استطاع أن يجيبك، ولكنه سيظل محتفظًا طوال حياته بالمشاعر التي تجمعت له في أثناء استرساله ذاك في أحلامه، ولعل هذه المشاعر المتراكمة تدفعه ذات يوم أن يهجر كل شيء على حين فجأة ويذهب إلى القدس حاجًّا ناشدًا الخلاص، أو تدفعه- ولا تدري لماذا- إلى أن يشعل النار في قريته فيحرقها”.
وبعد تشكّل ملامح الشخصية على مدار الرواية، نستطيع أن نزعم أننا أصبحنا ندري لماذا، فـ”سمردياكوف” تتراكم بداخله مشاعر ستؤدي- بالضرورة- إلى تغير نوعي، فهو ابن غير شرعي لهذا الأب الذي يشهد ما يغرق فيه من ملذات محرمة عليه، ولن يرث شيئًا من هذا المال الذي يشهد صراع إخوته عليه، ولا يستطيع أن يكون إيفان، بل كلما ردد أمامه عباراته لم يستقبل منه إلا الاستهانة، وهذه العناية التي يوليها لتأنقه لن تسفر عن لقاء فتاة كديمتري؛ بل لخدمة أبيه، فهو كارامازوف مُعطلًا، مشاعره ورغباته مكبوتة، أزيحت فاعليتها من العالم الخارجي إلى عالمه الداخلي، فتجلّت في حالة الصرع التي تنتابه من حين إلى آخر، حتى أتيحت له ثغرة للتعبير عن وجوده، لتفعيل كارامازوفيته، بالجريمة، بالقتل، فانفجرت طاقة الكبت مرة واحدة صادمة- وإلى الأبد- بقتل أبيه؛ لذلك نشاهده بعد تفريغ كل هذه الشحنة المكبوتة قادرًا على تأسيس حوار حقيقي مع إيفان، متحدثًا لبقًا، بلا لعثمة، ولا ارتباك، ولا توتر، وفي مشهد القبو في الفيلم نشاهد حمزة، الذي أدى دوره ببراعة محيي إسماعيل، مفكوك عقدة اللسان، ثابت النظرة، وذلك قبل أن يشنق نفسه، لا من خوف من المحاكمة؛ بل استكمالًا لمهمته في تدمير هذه الأسرة بالكامل، قد اختار الطريق الآخر، أشعل النار في قريته، وفي نفسه.
والعلاقة بين إيفان وسمردياكوف معقدة، فسمردياكوف شديد التعلق بإيفان، وإن بدا ذلك أحيانًا في شكل حقد وكره، فالمتناقضات في النفس البشرية أقرب بعضها إلى بعض من تصورنا، وفي المشهد المرتبك الذى دعا فيه الأبُ سمردياكوف أن يعلن آراءه أمام إيفان، يتحدث سمردياكوف كثيرًا على غير عادته؛ ليحاول جذب انتباه إيفان، الذي لا ينتبه له، ولا يهتم بكلامه، ومن هذه المشاعر المشحونة المتراكمة في سماء الغرفة، وفي الغرفة نفسها، سيحدث الحدث الرئيس في الرواية.
قصة “المفتش الكبير” هي إحدى أهم القصص في الرواية، وقد هاجم فيها الكاتبُ المؤسساتِ الدينيةَ بشراسة، إذ تحكي عن عودة المسيح في آخر الزمان، وتكون عودته في إسبانيا القرن السادس عشر ليأمر المفتشُ الكبيرُ باعتقال المسيح بتهمة الهرطقة! وينشأ حوار بينهما ليلة اعتقاله، إذ يوبخ المفتشُ الكبيرُ المسيحَ متهمًا إياه بالخطأ في حق البشرية! برفضه إغراءات الشيطان، وهي الخبز، والقوة، والسُلطة، فبهذا الموقف الرافض لعن البشريةَ بلعنة الحرية! أما هو-بوصفه رمزًا لرجال الدين- فقد قبل إغراءات الشيطان؛ لأنهم فهموا الضعف المتأصل في البشر بتفضيل الأمن على الحرية، وهذه القصة قد حُذفت تمامًا في الفيلم.
وختامًا، تُخيّم فكرة ضرورة وجود الوهم في الحياة بظلالها على أحداث الرواية وشخوصها، الوهم، هذا السحر الذي قد يرتكب الإنسانُ في سبيل الحفاظ على حقيقة توهمه أبشع الجرائم، وبالتأسيس للدوافع والمآلات يتبدى سرابُ الوهم فاعلًا ومؤسسًا بنيويًّا وهيكليًّا للشخصيات، حتى المحاكمة، محاكمة الجميع، فقد ترك الكاتبُ الحكمَ على القاتل للقدر، دون أن يفض الاشتباك بين الحقائق والأوهام.
ما ورد في المقال يعبر عن رأي الكاتب، ولا يعبر بالضرورة عن رأي هيئة التحرير.