حري بنا أن نسأل: كيف تكون التصور المعاصر عن البيئة الروسية؟ تكمن الإجابة في البحث عن الأعمال الكثيرة التي وضعها العلماء الجغارفة والباحثون في العلوم الطبيعية والرحالة، وتطورت وتراكمت هذه المعلومات الأولية في خضم نحو ألفي سنة على التقريب. وهناك قدر متناثر من المعلومات عن بعض أراضٍ بعيدة تقع اليوم ضمن حدود روسيا، لكنها ليست في كل الأحوال معلومات موثوقًا بها، ونجدها في كتب الجغارفة القدامى.
ففيما بين القرنين الثامن إلى السادس قبل الميلاد، حين نشأت “دول المدن” القديمة، وتطورت علوم الملاحة، توغل الإغريق القدامى -الذين كانوا دومًا ما يوَّسعون ممتلكات بلادهم على سواحل البحرين المتوسط والأسود- داخل مضيق البوسفور، ومضيق كيرتش في بحر آزوف، ووصلوا إلى مصب نهر الدون (المعروف آنذاك باسم تانايسا)، ومصب نهر كوبان، وهناك أسسوا مستعمرات لهم.
وفي القرن الخامس قبل الميلاد كتب المؤرخ الإغريقي هيرودوت عن الأراضي التي زارها في سكيثيا، الواقعة عند أراضي إستبس البحر الأسود، يقول:
“إن سكيثيا أرض بلا غابات، وتمثل في ذاتها سهولًا، تقع خلفها أرض صخرية وغير مستوية تنتشر فيها الغابات”.
وكان هيرودوت على دراية أيضًا بالقوقاز وبحر قزوين، واعتبر الأخير بحرًا مغلقًا.
وقد افترض الإغريق القدماء أن “فيما وراء سكيثيا” تقع جبال ريبسك، التي تغطيها الثلوج، والتي تأتي منها رياح شمالية، اسمها بوريا، ولاحقًا أشار أرسطوطاليس إلى أنه من هذه الجبال ينبع كثير من الأنهار الكبرى.
وعلى خريطة بطلميوس (القرن 2 ق. م.) صُوِّرَت هذه الجبال (ريبسك) وهي تتدفق منها الأنهار، وصُوِّر عليها بحر قزوين، الذي يصب فيه نهر “را” (الفولغا) نابعًا مع نهر كاما، كما صور عليها نهر الدون بوصفه حدًّا بين أوروبا وآسيا.
وعلى خريطة بطلميوس هذه، لم تُصوَّر جبال ريبسك فقط؛ بل غيرها من الجبال (مثل ألاوينسك، وبودينسك، وغيرهما) التي وجدت لنفسها مكانًا على خريطة السهول الأوروبية الشرقية، بل إن بطليموس حدد طول هذه الجبال واتساعها.
والمعلومات المنقولة هذه تقدم تصورات غامضة عن الأقاليم الواقعة إلى الشمال من سكيثيا لدى الإغريق القدامى. ومع ذلك، كانت شهرة الجغارفة القدامى من الهيمنة إلى درجة أن ظلت هذه التصورات عن تكوين سطح روسيا الأوروبية المعاصرة مستمرة حتى القرن التاسع عشر.
هناك ندرة بالغة في المعلومات التاريخية عن الأراضي الروسية في العصور الوسطى، وقد لاحظ الفلمنكي جيوم رويدوك، سفير الملك ليودفيك الحادي عشر إلى منغوليا عام 1255م، أن بشكيريا الشرقية تقع “في الركن الشمالي” في منطقة بالغة البرودة، فيها ثلوج وجليد دائمان، ولكن حدودها غير معروفة.
وفي نهاية القرن الثالث عشر، أو بداية القرن الرابع عشر، عبَّر العلماء العرب عن اقتراح يرى احتمال وجود اتصال بين المحيطين الهادئ والشمالي، واعتقدوا أن الانتقال من محيط إلى آخر يمكن عبر “بلاد الروس”، كما أن أحد الرحالة العظام في القرن الرابع عشر (ابن بطوطة) خلال رحلته التي استمرت 25 سنة، زار الأجزاء الدنيا من نهر الفولغا، والمجرى الأوسط منه، وقطع منطقة السهول الخفيضة عند بحر قزوين.
وعند نهاية القرن الخامس عشر، تزايد في أوروبا الاهتمام بـ”روسيا”، التي أصبحت بحلول ذلك الوقت دولة مركزية، وحققت علاقات دولية واسعة، وظهرت عن روسيا في أوروبا الغربية كتابات استمدت معلوماتها الأساسية جزئيًّا من مصادر روسية (من موظفي سفارة الدولة الموسكوفية في أوروبا الغربية، مثل دميتري جيراسيموف، وجريجوري إيستومي، أو من مصادر روسية أخرى).
وأول معلومات موثوق بها عن أوروبا الشرقية قدمها العالم البولندي “ماتسى” من مدينة موخوف (ماتسي الموخوفي)، في كتابه الذى يحمل عنوان “بحثًا عن السارمات” (1517)، والذي رفض فيه الاعتقاد بأن أنهار دفينا، والفولغا، والدون، تبدأ رحلتها من الجبال، كما رفض أن تكون هذه الجبال هي جبال ريبيسك، ثم ظهرت في كتابات أكثر اكتمالًا عن روسيا، نشرها في 1549م، سفير الأباطرة الروماني البارون سيغموند غيربريشتاين، الذي دون كتابًا حمل عنوان “مذكرات عن الشؤون الموسكوفية”.
في تلك الخريطة التي وضعها غيربريشتانين، والتي اعتمدت على مصادر معلوماتية روسية في الربع الأول من القرن السادس عشر، ستظهر لأول مرة جبال تسمى “الحزام الأرضي”، تمتد من الشمال إلى الجنوب فيما بين نهري بيتشورا وأوب.
وكما نرى، فإن الآراء بشأن الدور الكبير الذي اضطلع به الباحثون الأجانب في التعريف ببيئة روسيا في الزمن البعيد كانت محدودة، وقام بالدور الأكبر الباحثون الروس، الذين سنرى جهودهم في الصفحات التالية. ويمكن تقسيم تاريخ تراكم المعرفة الجغرافية ودراسة الأراضي الروسية إلى أربع مراحل.
1- تراكم المعلومات الأولية عن الأراضي الروسية التي جمعها الرحالة والمستكشفون.
2- الفترة الأولى للبحث العلمي للأراضي الروسية (من عهد بطرس الأكبر حتى منتصف القرن التاسع عشر).
3 – فترة البعثات البحثية الكبرى، بما فيها فترة البعثات ذات الأهداف التطبيقية (من منتصف القرن التاسع عشر حتى ثورة أكتوبر 1917م).
4 – الفترة السوفيتية، التي شملت البحث العلمي المخطط والمتقدم (1917- 1991م).
المعلومات المتباينة والموثوق بها عن بيئة الأقاليم المختلفة من روسيا واقتصادها محفوظة في مخطوطات الأديرة، وأول هذه المصادر يسمى “سير السنوات السابقة”، دوّنه مؤرخ روسيا “نستور”، الذي كان يقطن مدينة كييف في الفترة من عام 1114 إلى عام 1116 ميلاديًا.
وتضم هذه المخطوطات معلومات كثيرة عن البيئة والحياة الاقتصادية في جنوب غرب ووسط أقاليم السهول الروسية، وتعرف من المخطوطات أن سكان مدينة “نوفغورد” زاروا البحار الشمالية (الأبيض وبارانتس) في القرن الحادي عشر، كما زاروا منطقة غرومانت (جزر سبتسبرغن)، بداية من القرن الثاني عشر، وفي القرن الخامس عشر زاروا أيضًا الجزيرة المعروفة اليوم باسم “نوفيا زمليا”، ومن القرن السادس عشر مارسوا -بانتظام- التجارة على هذه الجزر.
وقد أكد ماغيدوفيتش (1957م) أن الروس هم من اكتشفوا كل شمال أوراسيا (باستثناء شبه جزيرة إسكندناوة، وسواحل مورمانسك على شبه جزيرة كالوسك). ووفقًا لدراسته، فإن الروس هم أول الأوروبيين الذين مخروا عباب البحار الشمالية قبل عدة قرون رغم ما يزعمه الإنجليز والهولنديون، وكان بحر بارانتس حتى مشارف القرن التاسع عشر قد حمل اسم “مورمانسك”، أو “بحر الروس”.
“والمخطوطة الأولى” -المشار إليها بعاليه لدى نستور- تدل على أن سكان نوفغورد قد وصلوا مع نهاية القرن الحادي عشر إلى نهر بيتشورا، وهو أبعد إقليم في شمال أوروبا، وفي هذه المخطوطة يشار إلى أنه في عام 1096 أو بداية عام 1097م، ثمة معلومات تشير إلى أطراف الإقليم الشمالي الغربي من سيبيريا، الذي يقع وراء الجبال العالية، ويتبقى من هذه المخطوطة معلومات تشير -وإن بغير وضوح- إلى أن سكان نوفغورد قد زاروا تلك الأماكن وحصلوا منها فقط على الفراء في مقايضة مع المشغولات الحديدية.
غير أنه في القرن الثاني عشر الميلادي تمكن سكان نوفغورد من الإلمام بكل الشمال الأوروبي من شبه جزيرة كولوسك، حتى نهر بيتشورا، وعبروا خلف الحزام الصخري (الأوال) لأرضهم، وهو ما جاء انطلاقًا من مصالح اقتصادية؛ بحثًا عن أركان تجارية جديدة؛ وهو ما دفعهم إلى التحرك نحو الشمال؛ من أجل الثروة السمكية والحيوانية والطيور على السواحل الشمالية في اتجاه بحر ستودين (البحر الأبيض)، وكذلك فيما وراء الحزام الصخري، أي نحو الشرق، ولم يفتح النوفغورديون السواحل الشمالية في روسيا الأوروبية فحسب؛ بل مهدوا لها الطرق، ونظموا النشاط التجاري في الأجزاء الدنيا والأنهار ومصباتها، أي إنهم طوروا الأقاليم الشمالية.
وما إن جاء القرن الثاني عشر الميلادي حتى عرف الروس بلاد كومي (التي يتوسطها نهر بيتشورا)، والتي دخلت في القرن الخامس عشر الميلادي تحت إمرة الإمارة الموسكوفية، وتغلغل الروس إلى أراضٍ أخرى أكثر جنوبية هي “بيرم الكبرى”، دخلت أيضًا بنهاية القرن الخامس عشر في حدود روسيا الموسكوفية.
وتدل مخطوطات مدينة روستوف، التي تعود إلى منتصف القرن الرابع عشر، على أن النوفغورديين لم يصلوا في تلك الفترة إلى نهر أوب فقط؛ بل حاربوا هناك شعوب المنطقة الأصلية، وكانوا على دراية بالقسم الشمالي من الأورال (حتى نهر شوجور) وما وراء الأورال حتى نهر أوب.
في نهاية القرن الخامس عشر كانت هناك حملة كبيرة في سيبيريا الغربية، قام بها قادة موسكو وزعماؤها، وفي فترة هذه الحملة فتحت أكثر الأجزاء ارتفاعًا في جبال الأورال، وحُدِّدَ لأول مرة الامتداد الحقيقي (من البحر إلى البحر)، أي من الشمال إلى الجنوب، وقد مر الموسكوفيون عبر علاقات صداقة وود أمام تيومين في “أرض سيبيريا” وما بعدها بمحاذاة نهر إرتيش.
وبنهاية القرن الرابع عشر، وبداية القرن الخامس عشر، صار التجار الروس على دراية بالطرق الأربعة التي تؤدي إلى سيبيريا الغربية: الطريق الشمالي، وهو طريق بحري، فضلًا عن 3 طرق برية عبر الأورال.
وخلال فترة حكم إيفان الرابع (إيفان غرزوني)، وبعد أن أتم الروس غزو تتار قازان، واستولوا على مملكة أستراخان، مدوا نفوذهم حتى بحر قزوين، وصار الفولغا من جميع الاتجاهات نهرًا روسيًّا.
وفي نهاية القرن السادس عشر، صدر أول أطلس لروسيا، وحمل عنوان “المعالم الروسية لجميع الدولة الروسية”، ولم يبقَ من هذا الأطلس شيء اليوم، لكن يبدو أن هذا الأطلس كان أقرب إلى أطلس الطرق لجميع الأقاليم من الدنيبر حتى أوب، ومن منطقة اللابلاند (فنلندا) وصولًا إلى كل من القرم، والقوقاز، وبخارى. وقد مثّل هذا الكتاب في ذاته وصفًا جغرافيًّا للأقاليم الواقعة بمحاذاة الأنهار التي تعد طرقًا أساسية للنقل.
وبتوسعة حدود الدولة الروسية شرقًا، أوليت عناية أكبر لسيبيريا، وفي منتصف القرن السادس عشر، كانت مناطق سيبيريا الغربية تدفع الجزية إلى موسكو، واعترفت بسلطة القيصر الروسي، وفي منتصف القرن الخامس عشر، وفي الأجزاء الجنوبية من سيبيريا الغربية، تعززت سلطة الخان كوتشوما، الذي كانت تتبعه قبائل كثيرة من الأورال حتى أوب، ومن المجرى الأدنى لنهر إرتيش حتى سهوب باراينسك، وكانت تخضع لسيطرته خانة سيبيريا.
ولم يهجم كوتشوما على السكان الروس في سيبيريا الغربية فحسب؛ بل نظم غزوات في الحوض الأعلى لنهر كاما الأعلى. وللصراع مع كوتشوما، أرسل الروس سرية حربية بقيادة يرماك.
كان لحملة يرماك في سيبيريا الغربية (1581م- 1584م) أهمية عظيمة في تاريخ الدولة الروسية، فهي تمثل علامة في تاريخ الكشوف الجغرافية الروسية والعالمية.
ومع حملة يرماك بدأت مجموعة من الحملات التجارية الروسية، وكان شعارها “سعيًا إلى لقاء الشمس”، وهدفت إلى الوصول إلى المحيط الهادئ، وفي عام 1587م، أُسِّسَت بلدة طوبول، التي ستصبح على مدار أكثر من قرنين مدينة أساسية في سيبيريا الغربية. وبين عامي 1610م و1619م، وصل الروس بالفعل إلى شواطئ نهر ينسي، ثم اندفعوا لاحقًا نحو الشرق، نحو حوض نهر لينا، واتخذ طريقهم مسار الرافدين الكبيرين لنهر ينسي، وهما أنجارا الأدنى والأعلى، وهكذا بدأ الروس استكشاف هضبة سيبيريا الوسطى.
في عام 1632م أُسِّسَ حصن ياكوت، الذى سيصير بعد ذلك نقطة انطلاق للرحلات الروسية، ليس فقط نحو الشرق، بل إلى الشمال، إلى بحر ستوديف (الأبيض)، ولاحقًا نحو الجنوب إلى نهر شليكارا (أمور)، وإلى البحر الدافئ (المحيط الهادئ)، وكان إيفان مسكوفيتش هو أول الأوروبيين الذين اتجهوا إلى السواحل الشمالية الغربية للمحيط الهادئ؛ من أجل أن يعبر غابات التايغا الكثيفة من “المستنقعات الصينية”، فأبحر عبر الأنهار السيبيرية الهائجة، ووصل إلى المحيط الهادئ، الذي حاول الروس الوصول إليه على مدى 60 سنة.
وبين عامي 1643 و1646م انطلق فاسيلى بايراكوف صوب نهر ألدان (الرافد الأعلى لنهر لينا) متجهًا نحو نهر زيا (رافد لنهر آمور)، ثم هبط مع آمور وصولًا إلى مصبه في المحيط، وفي عام 1647م، أُسِّسَ حصن أخوتسك، الذي ستنشأ عليه لاحقًا مدينة أخوتسك، وتصبح نافذة لروسيا نحو المحيط الهادئ وأمريكا الشمالية.
وحتى بداية القرن السادس عشر انطلقت من أخوتسك معظم البعثات نحو الجزء الشمالي من المحيط الهادئ، وإلى سواحل أمريكا، بل أولى الرحلات الروسية التي طافت حول العالم.
وفي عام 1648م استخدم سيميون ديچينيف وفيدوت بوبوف قوارب مسطحة القاع، في رحلة انطلقت من مصب نهر كوليما، للالتفاف حول القارة من الشمال، وخرجا إلى سواحل المحيط الهادئ؛ ليثبتوا أن هناك ارتباطًا بين آسيا وأمريكا الشمالية.
وعرفت تفاصيل هذه الرحلة من “رسالة” جاءت من سيميون ديچينيف (وكان الخطاب قد فقد في الأرشيف الياكوتي، وعثر عليه في عام 1736م فقط، أي بعد 88 سنة من كتابته).
وفي أربعينيات القرن السابع عشر، استكشف أفراد روس، مبعوثون من نهر ينسي ومنطقة الغابة العليا (فيرخوليسنسكا)، بحيرة بيكال، واقترب فريق منهم من البحيرة من جهة البحر الصغير (جزء من الساحل الشمالي لبحيرة بيكال)، في حين اتجه الفريق الآخر إلى السواحل الشمالية والشرقية وصولًا إلى مشارف نهر بارغوزين، غير أن الوجود الروسي الفعلي في البيكال بدأ مع تأسيس مدينة إركوتسك عام 1652م.
وفي عام 1667م ألَّفَ حاكم مدينة طوبول “بيوتر جودونوف” كتاب “ملامح أرض سيبيريا”، وهو يُعدّ أول خريطة معلوماتية عن عموم سيبيريا.
على هذا النحو يعد القرن السابع عشر هو قرن الكشوف الجغرافية الروسية الرائعة في شمال شرق آسيا، ومن خلال رحلاتهم هذه توسعت المعرفة الجغرافية للبشرية بعمومها.
وكان هناك أناس عاديون من القوزاق الذين صاروا فاتحين لأرض جديدة، وقد نقلوا معارفهم من هذه الأرض وسجلوها على الخرائط، وكان “شغفهم”، و”تقاريرهم”، و”خطاباتهم”، و”كتاباتهم” كلها، قد احتوت على مصادر ضخمة من المعلومات عن البيئة والسكان، وهي معارف جغرافية ثمينة.
ترتب على هذه الرحلات تجميع قدر وافر من البيانات عن البيئة والإنسان في كل من: الأجزاء الجنوبية من سيبيريا (الغربية) وألطاي، ومشارف البيكال، وما وراء البيكال، واحتوت على ملحوظات عن الطرق والانتقال. وقد دون هذه البيانات السفراء الروس في كل من منغوليا والصين الذين اتجهوا عبر الطرق البرية، وعلى رأسهم كل من: فاسيلي تيومنتش (1615م)، الذي زار منطقة “جورنيا شوريا (في ألطاي بين منغوليا وكازاخستان حاليًا) عابرًا سلسلة جبال أباكان، وكان أول من وصل إلى توفا، وكان من بين هؤلاء أيضًا بيتلين (1618م- 1619م)، الذي سار مكررًا الطريق الذي سلكه تيومنتس في الأراضي الروسية، وكذلك بايكوف (1654م- 1658م)، الذي انطلق من طوبول إلى أعلى بمحاذاة نهر إرتيش، وسافاريا (1675م- 1678م)، الذي اجتاز نهر أوب وينسي وبحيرة بيكال وصولًا إلى مصب نهر سيلينج (في جنوب البيكال) وعبر منطقة أودي من خلال سلسلة جبال يابلونوف، وعبر نهري تشيكا وإنجودا.
وعلى هذا النحو، وبحلول عصر بطرس الأكبر، تراكمت في روسيا معارف جغرافية كثيرة عن الفضاء الشاسع لروسيا، وصدرت أعمال وخرائط عن هذه المناطق، ولم تكن لها أهمية لروسيا فقط؛ بل للمعرفة الجغرافية الإنسانية عامةً.
ما ورد في المقال يعبر عن رأي الكاتب، ولا يعبر بالضرورة عن رأي هيئة التحرير.