تقدير موقف

إيران تستدعي سفير الصين في طهران على خلفية أزمة تصريحات الجزر الإماراتية


  • 5 يونيو 2024

شارك الموضوع
i مصدر الصورة: al-monitor.com

تمسكت الصين بموقفها بشأن الجزر الثلاث المتنازع عليها في الخليج، رغم غضب طهران من بكين لوصفها الجزر التي تسيطر عليها إيران بأنها مسألة يجب حلها مع الإمارات العربية المتحدة، وأعربت الصين- في بيان لها الأسبوع الماضي- عن دعمها لجهود دولة الإمارات العربية المتحدة للتوصل إلى “حل سلمي” لقضية الجزر (طنب الكبرى، وطنب الصغرى، وأبو موسى).

السبب وراء دعم الصين للإمارات هو أنه بدون الطاقة الخليجية، لا تستطيع بكين مواصلة نموها الاقتصادي والصناعي، أو تحقيق طموحاتها العسكرية في تايوان. تعتمد الصين في مصادر الطاقة على الخليج، مما يجعل بكين عرضة للخطر. إن تسليم منطقة الخليج العربي للصين من شأنه أن يخلق تكاليف إستراتيجية كبيرة للولايات المتحدة.

وأصبحت الصين مستوردًا صافيًا للنفط في عام 1993، ومنذ ذلك الحين، يأتي نحو نصف نفط الصين من الشرق الأوسط؛ ولذلك وجدت الصين نفسها معتمدة- باستمرار- على منطقة لا تزال الولايات المتحدة تهيمن عليها، وكانت استثماراتها ثابتة عقودًا من الزمن.

وعليه، جددت الإمارات العربية المتحدة دعمها للصين، وقالت الإمارات في بيان أصدرته وزارة الخارجية إنها “تؤكد دعمها لسيادة الصين، ووحدة أراضيها”، وشددت على أهمية مبدأ “الصين الواحدة”.

هناك نزاع منذ عام 1971 بعد انسحاب القوات البريطانية من الخليج بشأن الجزر الإماراتية الثلاث (طنب  الصغرى، وطنب الكبرى التابعة لإمارة رأس الخيمة، وجزيرة أبو موسى التابعة لإمارة الشارقة)، حيث إن ايران تعدّها ضمن أراضيها من خلال السلوكيات والممارسات في منطقة الخليج العربي تصعيدًا وتخفيضًا للتصعيد مع الولايات المتحدة وحلفائها، وتنظر إيران إلى الإمارات على أنها أحد حلفاء الولايات المتحدة؛ فمن ثم أمام إعلان الصين تبعية هذه الجزر الثلاث للإمارات ترى إيران في ذلك تجاوزًا للخطوط الحمر، وتعديًا على المستوى الدبلوماسي، حيث إن بكين كانت ملزمة بمسار خفض التصعيد في المنطقة العربية، واليوم هي تصعد دبلوماسيًّا من خلال الاعتراف بتبعية هذه الجزر لدولة الإمارات العربية.

وعلى الرغم من القضايا المشتركة، هناك فوارق واسعة بين الصين وإيران. المنطقة الأشد خطورة هي الاقتصاد. وتمثل الصين نحو ثلث التجارة الإيرانية، لكن إيران تمثل أقل من واحد في المئة من التجارة الصينية. ومن الواضح مَن الذي يتحكم في هذه العلاقة. مرة تلو الأخرى، استخدمت الصين علاقتها مع إيران من أجل تعزيز المصالح الصينية. ومن منظور العلوم السياسية، فإن العلاقة الإيرانية الصينية تمثل دائمًا متغيرًا تابعًا يعتمد على مصالح الصين الأخرى في العالم. الإيرانيون مستاءون من هذا الأمر، ويعرفون أنه لا يوجد ما يمكنهم فعله حيال ذلك.

تلعب الصين ضد إيران والولايات المتحدة. ومن خلال التحايل على العقوبات الأمريكية عن طريق شراء النفط الخام الإيراني، تعمل الصين في الوقت نفسه على تقويض قدرة الولايات المتحدة على استخدام النظام المالي الدولي لفرض عقوبات على الخصوم، مع الحصول على النفط بأسعار مخفضة. يعد هذا حلًا مربحًا للجانبين، لكن الأهداف الإستراتيجية (تقييد هيمنة الولايات المتحدة، وتقويض مركزية الاقتصاد العالمي الدولاري، وإظهار عدم قدرة الولايات المتحدة على خنق اقتصادات خصومها) هي أكثر أهمية من المنفعة الاقتصادية على المدى القريب. وتتوخى الصين الحذر من عالم قد تسعى فيه الولايات المتحدة إلى عزل الصين، ويُعدّ تقليص قدرتها على القيام بذلك مصدر قلق رئيسًا للصين.

 ومثل الصين، أعربت روسيا مؤخرًا عن دعمها مطالبة الإمارات العربية المتحدة بالجزر. وفي ديسمبر (كانون الأول) 2023، دعم منتدى التعاون الروسي العربي بالمثل الإمارات بشأن هذه القضية، وجاءت هذه الخطوة في أعقاب دعوة روسيا ومجلس التعاون الخليجي إلى “حل سلمي” للنزاع في يوليو (تموز) 2023، مما دفع إيران إلى استدعاء السفير الروسي.

ما ورد في المقال يعبر عن رأي الكاتب، ولا يعبر بالضرورة عن رأي هيئة التحرير.


شارك الموضوع